وهو مذهب سيبويه والبصريين وفوه بالضم مثل سوق وأسواق وهو مذهب الفراء حذفت الهاء حذفا غير قياسى لخفائها ثم الواو لاعتلالها ثم أبدلت الواو المحذوفة ميما لتجانسهما لانهما من حروف الشفة فصار فم قال الراغب وكل موضع علق الله فيه حكم القول بالفم فاشارة الى الكذب وتنبيه على ان الاعتقاد لا يطابقه وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ اى الكلام المطابق للواقع لان الحق لا يصدر إلا من الحق وهو ان غير الابن لا يكون ابنا وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ اى سبيل الحق لا غيره فدعوا أقوالكم وخذوا بقوله هذا. والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك وما فيه سهولة وفى التأويلات النجمية (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ) فيما سمى كل شىء بإزاء معناه (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) الى اسم كل شىء مناسب لمعناه كما هدى آدم عليه السلام بتعليم الأسماء كلها وخصصه بهذا العلم دون الملائكة المقربين قال بعض الكبار اعلم ان آداب الشريعة كلها ترجع الى ما نذكره وهو ان لا يتعدى العبد فى الحكم موضعه فى جوهر كان اوفى عرض او فى زمان او مكان او فى وضع او فى اضافة او فى حال او فى مقدار او عدد او فى مؤثر او فى مؤثر فيه. فاما أولاها فى الجوهر فهو ان يعلم العبد حكم الشرع فى ذلك فيجريه فيه بحسنه. واما ادب العبد فى الاعراض فهو ما يتعلق بافعال المكلفين من وجوب وحظر واباحة ومكروه وندب.
واما أدبه فى الزمان فلا يتعلق الا باوقات العبادات المرتبطة بالأوقات فكل وقت له حكم فى المكلف ومنه ما يضيق وقته ومنه ما يتسع. واما أدبه فى المكان كمواضع العبادات مثل بيوت الله فيرفعها عن البيوت المنسوبة الى الخلق ويذكر فيها اسمه. واما أدبه فى الوضع فلا يسمى الشيء بغير اسمه ليغير عليه حكم الشرع بتغيير اسمه فيحلل ما كان محرما ويحرم ما كان محللا كما فى حديث (سيأتى على أمتي زمان يظهر فيه أقوام يسمون الخمر بغير اسمها) اى فتحا لباب استحلالها بالاسم وقد تفطن لما ذكره الامام مالك رحمه الله فسئل عن خنزير البحر فقال هو حرام فقيل له انه من جملة سمك البحر فقال أنتم سميتوه خنزيرا فانسحب عليه حكم التحريم لاجل الاسم كما سموا الخمر نبيذا او إبريزا فاستحلوها بالاسم وقالوا انما حرم علينا ما كان اسمه خمرا. واما ادب الاضافة فهو مثل قول الخضر عليه السلام (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) وقوله (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما) وذلك للاشتراك بين ما يحمد ويذم وقال (فَأَرادَ رَبُّكَ) لتخليص المحمدة فيه فان الشيء الواحد يكتسب ذما بالنسبة الى جهة ويكتسب حمدا بالاضافة الى جهة اخرى وهو هو بعينه وانما يغير الحكم بالنسبة. واما ادب الأحوال كحال السفر فى الطاعة وحال السفر فى المعصية فيختلف الحكم بالحال. واما الأدب فى الاعداد فهو ان لا يزيد فى افعال الطهارة على أعضاء الوضوء ولا ينقص وكذلك القول فى اعداد الصلوات والزكوات ونحوها وكذلك لا يزيد فى الغسل عن صاع والوضوء عن مد. واما أدبه فى المؤثر فهو ان يضيف القتل او الغصب مثلا الى فاعله ويقيم عليه الحدود. واما أدبه فى المؤثر فيه كالمقتول قودا فينظر هل قتل بصفة ما قتل به او بامر آخر وكالمغصوب إذا وجد بغير يد الذي باشر الغصب فهذه اقسام آداب الشريعة كلها فمن عرفها وأجراها كان من المهتدين الى السبيل الحق والمحفوظين عن الضلال المطلق فاعرف ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ يقال فلان يدعى لفلان اى ينسب اليه ووقوع اللام