من السماء بعض الماء فَأَخْرَجْنا بِهِ يقال خرج خروجا برز من مقره او حاله واكثر ما يقال الإخراج فى الأعيان اى أنبتنا بسببه ذكر الماء وعدل عن لفظ الغيبة الى صيغة التكلم على الحكاية لكلام الله تنبيها على زيادة اختصاص الفعل بذاته وان ذلك منه ولا يقدر عليه غيره تعالى أَزْواجاً أصنافا سميت بذلك لازدواجها واقتران بعضها ببعض لانه يقال لكل ما يقترن بآخر مما ثلاله او مضادا زوج ولكل قرينين من الذكر والأنثى فى الحيوانات المتزاوجة زوج ولكل قرينين فيها وفى غيرها زوج كالخف والنعل مِنْ نَباتٍ هو كل جسم يغتذى وينمو كما قال الراغب النبت والنبات ما يخرج من الأرض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر او لم يكن له ساق كالنجم لكن اختص فى التعارف بما لا ساق له بل قد اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات ومتى اعتبرت الحقائق فانه يستعمل فى كل نام نباتا كان او حيوانا او إنسانا انتهى ومن بيانية فيكون قوله شَتَّى صفة للنبات لما انه فى الأصل مصدر يستوى فيه الواحد والجمع. وشتى جمع شتيت بمعنى المتفرق اى نباتات مختلفة الأنواع والطعوم والروائح والاشكال والمنافع بعضها صالح للناس على اختلاف وجوه الصلاح وبعضها للبهائم والأظهر ان من نبات وشتى صفتان لازواجا واخر شتى رعاية للفواصل كُلُوا حال من ضمير فاخرجنا على ارادة القول اى أخرجنا منها اصناف النباتات قائلين كلوا منها اى من الثمار والحبوب ونحوهما وَارْعَوْا الرعي فى الأصل حفظ الحيوان اما بغذائه الحافظ لحياته او بذب العدو عنه اى اسيموا واسرحوا فيها: وبالفارسية [وبچرانيد] أَنْعامَكُمْ وهى الإبل والبقر والضأن والمعز أي اقصدوا بها الانتفاع بالذات وبالواسطة آذنين فى الانتفاع بها مبيحين بان تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها. قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان السماء والماء والنبات والانعام كلها مخلوقة لكم ولولا احتياجكم للتعيش بهذه الأشياء بل بجميع المخلوقات ما خلقتها: قال المغربي قدس سره
غرض تويى ز وجود همه جهان ور نه ... لما تكوّن فى الكون كائن لولاك
إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من الشؤون والافعال الالهية من جعل الأرض مهدا وسلك السبل فيها وإنزال الماء وإخراج اصناف النبات لَآياتٍ كثيرة جليلة واضحة الدلالة على الصانع ووحدته وعظيم قدرته وباهر حكمته لِأُولِي النُّهى جمع نهية سمى بها العقل لنهيه عن اتباع الباطل وارتكاب القبيح كما سمى بالعقل والحجر لعقله وحجره عن ذلك لذوى العقول الناهية عن الأباطيل التي من جملتها ما تدعيه الطاغية وتقبله منهم الفئة الباغية وتخصيص اولى النهى مع انها آيات للعالمين باعتبار انهم المنتفعون بها مِنْها اى من الأرض. وفى التأويلات النجمية من قبضة التراب التي امر الله تعالى عزرائيل ان يأخذها من جميع الأرض خَلَقْناكُمْ بوساطة أصلكم آدم والا فمن عدا آدم وحواء مخلوق من النطفة واصل الخلق التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير اصل ولا احتذاء قال تعالى خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ويستعمل فى إيجاد الشيء من الشيء كما فى هذا المقام وَفِيها نُعِيدُكُمْ عند الموت بالدفن فى الموضع الذي أخذ ترابكم منه وإيثار كلمة فى للدلالة على الاستقرار والعود الرجوع الى الشيء بعد الانصراف