الجائزة ايضا قط لانها قطعة من القرطاس. فالمعنى عجل لنا صحيفة اعمالنا لننظر فيها قال سهل ابن عبد الله التستري رحمه الله لا يتمنى الموت الا ثلاثة رجل جاهل بما بعد الموت او رجل يفر من أقدار الله عليه او مشتاق محب لقاء الله وفيه اشارة الى ان النفوس الخبيثة السفلية يميل طبعها الى السفليات وهى فى الدنيا لذائذ الشهوات الحيوانية وفى الآخرة دركات أسفل سافلين جهنم كما ان القلوب العلوية اللطيفة يميل طبعها الى العلويات وهى فى الدنيا حلاوة الطاعة ولذاذة القربات وفى الآخرة درجات أعلى عليين الجنات وكما ان الأرواح القدسية تشتاق بخصوصيتها الى شواهد الحق ومشاهدات أنوار الجمال والجلال ولكل من هؤلاء الأصناف جذبة بالخاصية جاذبة بلا اختيار كجذبة المغناطيس للحديد وميلان طبع الحديد الى المغناطيس من غير اختيار بل باضطرار كذا فى التأويلات النجمية: وفى المثنوى
ذره ذره كاندرين ارض وسماست ... جنس خود را همچوكاه وكهرباست
اصْبِرْ يا محمد عَلى ما يَقُولُونَ اى ما يقوله كفار قريش من المقالات الباطلة التي من جملتها قولهم فى تعجيل العذاب ربنا عجل لنا إلخ فعن قريب سينزل الله نصرك ويعطيهم سؤلهم قال شاه الكرماني الصبر ثلاثة أشياء ترك الشكوى وصدق الرضى وقبول القضاء بحلاوة القلب قال البقلى كان خاطر النبي عليه السلام ارق من ماء السماء بل الطف من نور العرش والكرسي من كثرة ما ورد عليه من نور الحق فلكمال جلاله فى المعرفة كان لا يحتمل مقالة المنكرين وسخرية المستهزئين لا انه لم يكن صابرا فى مقام العبودية وَاذْكُرْ من الذكر القلبي اى وتذكر عَبْدَنا المخصوص بعنايتنا القديمة داوُدَ ابن ايشا من سبط يهودا بن يعقوب عليه السلام بينه وبين موسى عليه السلام خمسمائة وتسع وستون سنة وقام بشريعة موسى وعاش مائة سنة ذَا الْأَيْدِ يقال آد يئيد ايدا مثل باع يبيع بيعا اشتد وقوى. والأيد القوة كما فى القاموس والقوة الشديدة كما فى المفردات اى ذا القوة فى الدين القائم بمشاقه وتكاليفه وفى الكواشي ويجوز ان يراد القوة فى الجسد والدين انتهى واعلم انه تعالى ذكر اولا قوة داود فى امر الدين ثم زلته بحسب القضاء الأزلي ثم توبته بحسب العناية السابقة وامره عليه السلام بتذكر حاله وقوته فى باب الطاعة ليتقوى على الصبر ولا يزل عن مقام استقامته وتمكينه كما زل قدم داود فظهرت المناسبة بين المسندين واتضح وجه عطف واذكر على اصبر إِنَّهُ أَوَّابٌ من الأوب وهو الرجوع اى رجاع الى الله ومرضاته اى عن كل ما يكره الله الى ما يحب الله وهو تعليل لكونه ذا الأيد ودليل على ان المراد به القوة فى امر الدين وما يتعلق بالعبادة لا قوة البدن لان كونه راجعا الى مرضاة الله لا يستلزم كونه قوى البدن وقد روى انه لم يكن جسيما كسائر الأنبياء بل قصير القامة واكثر القوى البدنية كان فيمن زاده الله بسطة فى جسمه وفى التأويلات النجمية تشير الآية الى كماليته فى العبودية بانه لم يكن عبد الدنيا ولا عبد الآخرة وانما كان عبدنا خالصا مخلصا وله قوة فى العبودية ظاهرا وباطنا. فاما قوته ظاهرا فبانه قتل جالوت وكثيرا من جنوده بثلاثة أحجار رماها عليهم. واما قوته فى الباطن فلانه كان اوابا وقد سرت اوابيته فى الجبال والطير فكانت تؤوب