فاذا نبينا صلى الله عليه وسلم جالس عليه بانفراده وجميع الأنبياء على الأرض جالسون مثل ابراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم السلام فوقفت انظر واسمع كلامهم فخاطب موسى نبينا عليه السلام وقال له انك قد قلت (علماء أمتي كانبياء بنى إسرائيل فارنا منهم واحدا فقال هذا وأشار الى الامام الغزالي قدس سره فسأله موسى سؤالا فاجابه بعشرة اجوبة فاعترض عليه موسى بان الجواب ينبغى ان يطابق السؤال والسؤال واحد والجواب عشرة فقال الامام هذا الاعتراض وارد عليك ايضا حين سئلت وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ وكان الجواب عصاى فاوردت صفات كثيرة فقال فبينما انا متفكر فى جلالة قدر محمد عليه السلام وكونه جالسا على التخت بانفراده والخليل والكليم والروح جالسون على الأرض إذ رفسنى شخص برجله رفسة مزعجة اى ضربنى فانتبهت فاذا بقيم يشعل قناديل الأقصى قال لا تعجب فان الكل خلقوا من نوره فخررت مغشيا فلما أقاموا الصلاة أفقت وطلبت القم فلم أجده الى يومى هذا ومن هذا قال فى قصيدة البردة
وانسب الى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب الى قدره ما شئت من عظم
وقال آخر
سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنا قائد امم
قالَ الله تعالى استئناف بيانى أَلْقِها يا مُوسى اطرحها لترى من شأنها ما لم يخطر ببالك والإلقاء والنبذ والطرح بمعنى واحد فَأَلْقاها على الأرض قال الكاشفى [موسى كمان برد كه او را نيز چون نعلين مى بايد افكند پس بيفكند آنرا از قفاى خود فى الحال آوازى عظيم بكوش وى رسيد باز نكريست] فَإِذا هِيَ [پس از آنجا آن عصا] حَيَّةٌ [مارى بود] تَسْعى [مى شتافد بهر جانب] والسعى المشي بسرعة وخفة حركة والجملة صفة لحية- روى- انه حين القاها انقلبت حية صفراء فى غلظ العصا ثم انتفخت وعظمت فلذلك شبهت بالجان تارة وهو الخفيف كما قال تعالى كَأَنَّها جَانٌّ اى باعتبار ابتداء حالها وسميت ثعبانا اخرى وهو أعظمها كما قال تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ اى باعتبار انتهاء حالها وعبر عنها هاهنا بالاسم العام للحالين اى الصغير والكبير والظاهر انها انقلبت من أول الأمر ثعبانا وهو الأليق بالمقام كما يفصح عنه قوله تعالى فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وانما شبهت بالجان فى الجلادة وسرعة الحركة قال بعض اهل المعرفة اما انقلاب العصا حيوانا فايماء الى انقلاب المعصية طاعة وحسنة فان العصا من المعصية والمعصية إذا انقلبت صارت طاعة كما قال تعالى إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وهذا التبديل من مقام المغفرة واما المحو فى قوله عليه السلام (اتبع السيئة الحسنة تمحها) فعبارة عن حقيقة العفو قال المولى الجامى فى قوله فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ يعنى فى الحكم فان الأعيان أنفسها لا تتبدل ولكن تنقلب أحكامها انتهى يقول الفقير على هذا يدور انقلاب العصا حية حين الإلقاء وتحول النحاس فضة عند طرح الإكسير وتمثل جبريل فى الصورة البشرية فاعرفه فأنه باب عظيم من دخله بالعرفان التام أمن من الأوهام: قال الحافظ