للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد مضى دلالة على استمرار الوحى وتجدده وقتا فوقتا وان ايحاء مثله عادته تعالى ويجوز ان يكون إيذانا ان الماضي والمستقبل بالنسبة اليه تعالى واحد كما فى الكواشي والعزيز الحكيم صفتان مقررتان لعلوشان الموحى به لأنه اثر من اتصف بكمال القدرة والعلم لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى ان الله تعالى يختص به جميع ما فى العوالم العلوية والسفلية خلقا وملكا وعلما وَهُوَ الْعَلِيُّ الشان الْعَظِيمُ الملك والقدرة والحكمة او هو العلى اى المرتفع عن مدارك العقول إذ ليس كذاته ذات ولا كصفاته صفات ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل وهو العظيم الذي يصغر عند ذكره وصف كل شىء سواه والعظيم من العباد الأنبياء والعلماء الوارثون لهم فالنبى عظيم فى حق أمته والشيخ عظيم فى حق مريده والأستاذ فى حق تلميذه وانما العظيم المطلق هو الله تعالى تَكادُ السَّماواتُ نزديك شد كه آسمانها يَتَفَطَّرْنَ التفطر شكافته شدن واصل الفطر الشق طولا اى يتشققن من عظمة الله وخشيته وإجلاله كقوله تعالى لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله مِنْ فَوْقِهِنَّ اى يبتدىء التفطر من جهتهن الفوقانية الى جهتهن التحتانية وتخصيصها لما أن أعظم الآيات وادلها على العظمة والجلال من تلك الجهة من العرش والكرسي وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل حول العرش وما لا يعلم كنهه الا الله من آثار الملكوت العظمى فكان المناسب ان يكون تفطر السموات مبتدأ من تلك الجهة بان يتفطر او لا أعلى السموات ثم وثم الى ان ينتهى الى أسفلها بان لا تبقى سماء الا سقطت على الاخرى ويقال تتشققن من دعاء الولد له كما قال تعالى فى سورة مريم تكاد السموات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا فتخصيصها للدلالة على التفطر من تحتهن بالطريق الاولى لأن تلك الكلمة الشنعاء الواقعة فى الأرض إذا اثرت فى جهة الفوق فلأن تؤثر فى جهة التحت اولى وقيل لنزول العذاب منهن وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ينزهونه تعالى عما لا يليق به من الشريك والولد وسائر صفات الأجسام ملتبسين بحمده تعالى يعنى تسبيح وحمد با هم ميكويند چهـ يكى نفى ناسزاست ويكى اثبات سزا فقدم التسبيح على الحمد لان التخلية مقدمة على التحلية وهذا جانب الاستفاضة من الله والقبول ثم أشارا جانب الافاضة والتأثير بقوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ اى للمؤمنين بالشفاعة لقوله تعالى ويسغفرون للذين آمنوا فالمطلق محمول على المقيد او للمومن والكافر بالسعي فيما يستدعى مغفرتهم من الشفاعة والإلهام وترتيب الأسباب المقربة الى الطاعة واستدعاء تأخير العقوبة جمعا فى ايمان الكافر وتوبة الفاسق وهذا لا ينافى كون الملائكة لاعنين للكفار من وجه آخر كما قال تعالى أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وفى الحديث ما فيها موضع اربع أصابع الا وملك واضع جبهته ساجد الله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض وهذا يدل على ان المراد بالملائكة فى الآية ملائكة السموات كلها وقال مقاتل حملة العرش واليه ذهب الكاشفى فى تفسيره ويدل عليه قوله تعالى فى أوائل حم المؤمن الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا يقول الفقير تخصيص ملائكة العرش لا ينافى

<<  <  ج: ص:  >  >>