الدنيا قالوه مبالغة فى ان الوعظ لا ينجح فيهم لا إنكارا لوعظهم ورضى بالمعصية منهم قالُوا اى الوعاظ مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ مفعول له اى نعظم معذرة اليه تعالى. والمعذرة اسم مصدر بمعنى العذر وهو بضم فسكون فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت ولا أعود وهذا الثالث التوبة فكل توبة عذر بلا عكس وقيل المعذرة بمعنى الاعتذار يقال اعتذرت الى فلان من جرمى ويعدى بمن والمعتذر قد يكون محقا وغير محق كذا فى تاج المصادر: قال السعدي قدس سره
پرده از لطف كو كه بردارد ... كاشقيا را اميد مغفرتست
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ عطف على معذرة اى ورجاء لان يتقوا بعض التقاة ويتركوا المعصية لان قبول الحق الواضح يرجى من العاقل واليأس لا يحصل الا بالهلاك وهذا صريح فى ان القائلين لم تعظون إلخ ليسوا من الفرقة الهالكة والا لوجب الخطاب اى ولعلكم فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ اى تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ترك الناسي للشىء واعرضوا عنه إعراضا كليا بحيث لم يخطر ببالهم شىء من تلك المواعظ أصلا فيكون من ذكر المسبب وارادة السبب أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ اى خلصنا الذين ينهون عن الاصطياد وهم الفريقان المذكوران قال ابن عباس رضى الله عنهما نزل والله بالمداهن ما نزل بالمستحل وقال الحسن نجت فرقتان وهلكت فرقة وأنكر القول الذي ذكر له عن ابن عباس وقال ما هلك الا فرقة لانه ليس شىء ابلغ فى الأمر بالمعروف والوعظ من ذكر الوعيد وقد ذكرت الفرقة الثالثة الوعيد فقالت لم تعظون قوما الله مهلكهم او معذبهم عذابا شديدا وقول الحسن اقرب الى ظاهر الآية كذا فى تفسير الحدادي وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بالاعتداء ومخالفة الأمر بِعَذابٍ بَئِيسٍ اى شديد وزنا ومعنى بِما كانُوا يَفْسُقُونَ متعلق باخذنا كالباء الاولى ولا ضير فيه لاختلافهما معنى اى أخذناهم بما ذكر من العذاب بسبب تماديهم فى الفسق الذي هو الخروج عن الطاعة وهو الظلم والعدوان ايضا ولعله تعالى قد عذبهم بعذاب شديد دون الاستئصال فلم يقلعوا عما كانوا عليه بل ازدادوا فى الغى فمسخهم بعد ذلك لقوله تعالى فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ اى تمردوا وتكبروا وأبوا عن ترك ما نهوا عنه قدر المضاف إذ التكبر والإباء من نفس المنهي عنه لا يذم فهو كقوله تعالى وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ اى عن امتثال امر ربهم والعاتي هو شديد الدخول فى الفساد المتمرد الذي لا يقبل الموعظة قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ صاغرين أذلاء بعداء عن الناس. فى القاموس خسأ الكلب كمنع طرده والكلب بعد. والقردة جمع قرد بالفارسي [پوزينه] والأنثى قردة وجمعها قرد مثل قربة وقرب والمراد هو الأمر التكويني لا القولى التكليفي لانهم لا يقدرون على قلب أنفسهم قردة وتكليف العاجز غير معقول فليس ثمة قول ولا امر ولا مأمور حقيقة وانما هو تعلق قدرة وارادة بمسخهم نعوذ بالله تعالى- روى- ان اليهود أمروا باليوم الذي أمرنا به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت وهو المعنى بقوله تعالى إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فابتلوا