فان الأصل فيها ان تستعمل فى المائعات من المشروبات او من الاطعمة فنأكلها لعلها تدفع عنا الجوع على ان الافاضة عبارة عن الإعطاء بكثرة قال ابو حيان الصحيح تضمين أفيضوا معنى القوا وهؤلاء القائلون كانوا فى الدنيا عبيد البطون حريصين على الطعام والشراب حتى ماتوا على ما عاشوا فيه فحشروا على ما ماتوا عليه وان اهل الجنة لما أطالوا الجوع والعطش فى الدنيا وانما جوعوا بطونهم لوليمة الفردوس كان اشتغالهم فى الجنة بشهوات النفس وفى الآية بيان ان الإنسان لا يستغنى عن الطعام والشراب وان كان فى العذاب قال ابو الجوزاء سألت ابن عباس رضى الله عنهما أي الصدقة أفضل قال الماء أرأيت اهل النار لما استغاثوا باهل الجنة قالوا أفيضوا علينا من الماء وعن سعد بن عبادة انه قال يا رسول الله ان أم سعد ماتت فأى صدقة أفضل قال عليه السلام (الماء) فحفر بئرا فقال عليه السلام (هذه لام سعد) يقول الفقير فى الحديث دلالة على نفع الصدقة فى الأموات كما ذهب اليه اهل السنة وتخصيص الماء اما لان ارض الحجاز أحوج شىء اليه فيكون اكثر ثوابا وإما لأن جهنم بيت الحرارة واندفاعها بضدها وهى البرودة التي من أوصاف الماء فان كل شىء يقابل بنقيضه والله اعلم قالُوا روى انه لا يؤذن لاهل الجنة فى الجواب مقدار أربعين سنة ثم يؤذن لهم فى جوابهم فيقولون إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ اى منع طعام الجنة وشرابها عنهم منع المحرم عن المكلف فلا سبيل الى ذلك قطعا وانما جعل شراب الكافرين الحميم الذي يصهر به ما فى بطونهم والجلود وطعامهم الضريع والزقوم الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ الذي أمروا بالتدين به وهو دين الإسلام لَهْواً وَلَعِباً ملعبة يتلاعبون به يحرمون ما شاؤا ويحلون ما شاؤا ولا يتبعون امر الله تعالى وانما يتبعون أهواءهم التي زينها الشيطان لهم وقيل كان دينهم دين إسماعيل عليه السلام فغيروه وتدينوا بما شاؤا او صرفوا همتهم فيما لا ينبغى ان تصرف اليه الهمم وطلبوا ان يفرحوا بما لا ينبغى ان يطلب وفى التفسير الفارسي دِينَهُمْ [عيد خود را لَهْواً وَلَعِباً مشغول وبازيچهـ ايشان در عيد خود بحوالى كعبه مى آمدند ودست ميزدند وبازيچهـ ميكردند] انتهى ويرخص اللعب فى يوم العيد بالسلاح والركض اى التسابق بالافراس والأرجل وغير ذلك مما هو مباح مشروع وكانوا يضربون فى القرن الاول بالدف ولكن لم يكن فيه جلاجل فما يفعلونه فى هذا الزمان وقت العيد والختان وعند اجتماع الاخوان من ضرب المزمار وضرب الدف الذي فيه جلاجل ونحوها هو آلة اللهو ليس بمرخص وقولهم ان فى ديننا فسخة انما هو بالنسبة الى الأمور المرخصة ألا يرى ان المزاج مباح إذا كان بما لا يخالف الشرع وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بزخارفها العاجلة وطول الأمل ولذلك كانوا يستهزئون بالمسلمين كما روى فى الخبر ان أبا جهل بعث الى النبي عليه السلام رجلا يستهزئ به ان أطعمني من عنب جنتك او شيأ من الفواكه فقال أبو بكر رضى الله عنه ان الله حرمهما على الكافرين فعلى العاقل ان لا يغتر بالدنيا لانها غدارة مكارة