للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصمنا الله تعالى وإياكم من النار وأدخلنا الجنة مع الأسخياء والأبرار فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ الى طلبتهم وهو أخص من أجاب فان أجاب معناه أعطاه الجواب وهو قد يكون بتحصيل المطلوب وبدونه واستجاب انما يقال لتحصيل المطلوب ويعدى بنفسه وباللام أَنِّي اى بانى لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ وهو ما حكى عنهم من المواظبة على ذكر الله تعالى فى جميع حالاتهم والتفكر فى مصنوعاته استدلالا واعتبارا والثناء على الله بالاعتراف بربوبيته وتنزيهه عن العبث وخلق الباطل والاشتغال بالدعاء وجعل هذه الأعمال سببا للاستجابة يدل على ان استجابة الدعاء مشروطة بهذه الشروط وبهذه الأمور فلما كان حصول هذه الشرائط عزيزا لا جرم كان الشخص الذي يكون مجاب الدعاء عزيزا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بيان لعامل وتأكيد لعمومه وهذا يدل على انه لا تفاوت فى الاجابة وفى الثواب بين الذكر والأنثى إذا كانا جميعا فى التمسك بالطاعة على التوبة والفضل فى باب الدين بالأعمال لا بسائر صفات العالمين لان كون بعضهم ذكرا او أنثى او من نسب خسيس او شريف لا تأثير له فى هذا الباب بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ لان الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر. قال الامام فيه وجوه أحسنها ان يقال من بمعنى الكاف اى بعضكم كبعض فى الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية. قال القفال هذا من قولهم فلان منى اى على خلقى وسيرتى وهى معترضة بين بها شركة النساء مع الرجال فيما وعد للعمال- روت- أم سلمة قالت يا رسول الله انى اسمع الله يذكر الرجال فى الهجرة ولا يذكر النساء فنزل قوله تعالى أَنِّي لا أُضِيعُ الى آخره اى كما ان بعضكم من بعض كذلك أنتم فى ثواب العمل تثاب المرأة المعاملة كما يثاب الرجل العامل وبالعكس فلا أثيب بعضا واحرم آخر فَالَّذِينَ هاجَرُوا تفصيل لاعمال العمال منهم وما أعد لهم من الثواب على المدح والتعظيم كأنه قال فالذين عملوا هذه الأعمال السنية الفائقة وهى المهاجرة من مبتدأ او طانهم فارّين الى الله بدينهم من دار الفتنة وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ اى اضطروا الى الخروج من ديارهم التي ولدوا فيها ونشأوا بايذاء المشركين.

قال الامام المراد من قوله فَالَّذِينَ هاجَرُوا الذين اختاروا المهاجرة من أوطانهم فى خدمة الرسول والمراد من الذين اخرجوا من ديارهم الذين الجأهم الكفار ولا شك ان رتبة الأولين أفضل لانهم اختاروا خدمة الرسول وملازمته على الاختيار فكانوا أفضل وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي فى سبيل الحق ودين التوحيد بسبب ايمانهم بالله ومن اجله وهو متناول لكل اذية نالتهم من قبل المشركين وَقاتَلُوا اى الكفار فى سبيل الله وَقُتِلُوا استشهدوا فى القتال لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ اى والله لأمحوّن عنهم سيآتهم وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً الثواب فى الأصل اسم لما يثاب به كالعطاء اسم لما يعطى الا انه قد يوضع موضع المصدر فهو مصدر مؤكد بمعنى اثابة لان تكفير السيئات وإدخال الجنة فى معنى الاثابة اى لأثيبنهم بذلك اثابة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ صفة له اى كائنة من عند الله قصد بتوصيفه به تعظيم شأنه فان السلطان العظيم الشان إذا قال لعبده ألبسك خلعة من عندى دل ذلك على كون تلك الخلعة فى غاية الشرف وأكد كون

<<  <  ج: ص:  >  >>