للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسماع اللهو والهذيان قال بعض أهل الاشارة إذا أراد الشيطان أن ينبت في سبخة ارض النفس الامارة حنظل الشهوة يثب إليها ويغريها على إنفاذ مرادها فتكون النفس مركبه فيهجم الى بلد القلب ويخربه بأن يدخل فيه ظلمة الطبيعة فلا ترى عين القلب مسلك الذكر وصفاته فلما احتجب عن الذكر صار وطن إبليس وجنوده وغلب الملعون عليه وهذا يكون بارادة الله تعالى وسببه استحواذ غرور الملعون وتزيينه بأن يلبس امر الدين بأمر الدنيا ويغويه من طريق العلم فاذا لم يعرف دقائقه صار قرينه والشيطان دون الملك والرحمن إذ لا يجتمع الحق مع الباطل

نظر دوست نادر كند سوى تو ... چودر روى دشمن بود روى تو

ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى يعادونهما ويخالفون أمرهما ويتعدون حدودهما ويفعلون معهما فعل من ينازع اخر في ارض فيغلب على طائفة منها فيجعل لها حدا لا يتعداه خصمه ولما كانوا لا يفعلون ذلك إلا كثرة أعوانهم واتباعهم فيظن من رأهم انهم الأعزاء الذين لا أحد أعز منهم قال تعالى نفيا لهذا الغرور الظاهر أُولئِكَ الأباعد والأسافل بما فعلوا من المحادة فِي الْأَذَلِّينَ اى في جملة من هو أذل خلق الله من الأولين والآخرين لا ترى أحدا أذل منهم لان ذلة أحد المتخاصمين على مقدار عزة الآخر وحيث كانت عزة الله غير متناهية كانت ذلة من يحاده كذلك وذلك بالسبي والقتل في الدنيا وعذاب الناري في الاخرة سوآء كانوا فارس والروم او أعظم منهم سوقة كانوا او ملوكا كفرة كانوا او فسقة كَتَبَ اللَّهُ استئناف وارد لتعليل كونهم في الأذلين اى قضى وأثبت في اللوح وحيث جرى ذلك مجرى القسم أجيب بما يجاب به لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي أكده لما لهم من ظن الغلبة بالكثرة والقوة والمراد الغلبة بالحجة والسيف او بأحدهما والغلبة بالحجة ثابتة لجميع الرسل لانهم الفائزون بالعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة واما الغلبة بالسيف فهى ليست بثابتة للجميع لان منهم من لم يأمر بالحرب قال الزجاج غلبة الرسل على نوعين من بعث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة وإذا انضم الى الغلبة بالحجة الغلبة بالسيف كان أقوى

محالست چون دوست دارد ترا ... كه در دست دشمن كذارد ترا

وعن مقاتل انه قال المؤمنون لئن فتح الله لنامكة والطائف وخيبر وما حولهن رجونا أن يظهرنا الله تعالى على فارس والروم فقال رئيس المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول أتظنون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها والله انهم لا كثر عدد او أشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك فنزل قوله تعالى كتب الله الآية قال البقلى رحمه الله كتب الله على نفسه في الأزل ان ينصر أولياءه على أعدائه من شياطين الظاهر والباطن ويعطيهم رايات نصرة الولاية فحيث تبدو راياتهم التي هى سطوع نور هيبة الحق من وجوههم صار الأعداء مغلوبين بتأييد الله ونصرته قال أبو بكر بن طاهر رحمه الله اهل الحق لهم الغلبة ابدا ورايات الحق تسبق رايات غيره جميعا لان الله تعالى جعلهم اعلاما في خلقه وأوتادا في ارضه ومفزعا لعباده وعمارة لبلاده

<<  <  ج: ص:  >  >>