واتباع الهوى من عقوبات الله المعنوية فى الدنيا فلا بد من قرع باب العفو بالتوبة والسلوك الى طريق التحقيق والاعراض عن الهوى والبدعة فانهما شر رفيق: قال الشيخ سعدى قدس سره
وجود تو شهريست پر نيك وبد ... تو سلطان دستور دانا خرد
هوا وهوس را نماند ستيز ... چوبينند سرپنچهـ عقل تيز
واعلم ان من الهوى ما هو، مذموم وهو الميل الى الدنيا وشهواتها والى ما سوى الله ومنه ما هو ممدوح وهو الميل الى العقبى ودرجاتها بل الى الله تعالى بتجريد القلب عما سواه قال بعضهم ناولت بعض الشبان من ارباب الأحوال دريهمات فابى ان يأخذ فالححت عليه فالقى كفا من الرمل فى ركوته فاستقى من ماء البحر وقال كل فنظرت فاذا هو سويق سكره كثير فقال من كان حاله معه مثل هذا يحتاج الى دراهمك ثم انشأ يقول
بحق الهوى يا اهل ودى تفهموا ... لسان وجود بالوجود غريب
حرام على قلب تعرض للهوى ... يكون لغير الحق فيه نصيب
فعلى السالك ان يسأل الله الهداية الى طريق الهوى والعشق والوصول الى منزل الذوق فى مقعد صدق فان كل ماسوى الله تعالى هو وبال وصورة وخيال فمن أراد المعنى فلينتقل اليه من المبنى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الاقامة [بر پاى كردن وراست كردن] كما فى تاج المصادر والوجه الجارحة المخصوصة وقد يعبر به عن الذات كما فى قوله (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ) والدين فى الأصل الطاعة والجزاء واستعير للشريعة. والفرق بينه وبين الملة اعتباري فان الشريعة من حيث انها يطاع لها وينقاد دين ومن حيث انها تملى وتكتب ملة. والإملال بمعنى الاملاء وهو ان يقول فيكتب آخر عنه واقامة الوجه للدين تمثيل لاقباله على الدين واستقامته واهتمامه بترتيب أسبابه فان من اهتم بشىء محسوس بالبصر عقد عليه طرفه ومد اليه نظره وقوّم له وجهه مقبلا عليه. والمعنى فاذا كان حال المشركين اتباع الهوى والاعراض عن الهدى فقوّم وجهك يا محمد للدين الحق الذي هو دين الإسلام وعدله غير ملتفت يمينا وشمالا: وبالفارسية [پس راست دار اى محمد روى خود دين را] حَنِيفاً اى حال كونك مائلا اليه عن سائر الأديان مستقيما عليه لا ترجع له عنه الى غيره ويجوز ان يكون حالا من الدين قال فى القاموس الحنيف الصحيح الميل الى الإسلام الثابت عليه وفى المفردات الحنف ميل عن الضلال الى الاستقامة وتحنف فلان تحرى طريق الاستقامة وسمت العرب كل من اختتن او حج حنيفا تنبيها على انه على دين ابراهيم عليه السلام ومن بلاغات الزمخشري الجود والحلم حاتمى واحنفى. والدين والعلم حنيفى وحنفى اى الجود منسوب الى حاتم الطائي والحلم الى أحنف بن قيس كما ان الدين منسوب الى ابراهيم الحنيف والعلم الى ابى حنيفة رحمه الله وقال بعضهم فى الآية الوجه ما يتوجه اليه وعمل الإنسان ودينه مما يتوجه الإنسان اليه لتسديده وإقامته. فالمعنى أخلص دينك وسدد عملك مائلا اليه عن جميع الأديان المحرفة المنسوخة فِطْرَتَ اللَّهِ الفطرة الخلقة وزنا ومعنى وقولهم صدقة الفطرة اى صدقة انسان