للذهاب بها على خفة من السرور قالَ اى بعد ما أتوا به وجرى بينهم وبينه من المحاورات ما نطق به قوله تعالى (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ) الى قوله (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) أَتَعْبُدُونَ همزة الاستفهام للانكار ما تَنْحِتُونَ ما تنحتونه من الأصنام فما موصولة. والنحت نحت الشجر والخشب ونحوهما من الأجسام: وبالفارسية [تراشيدن يعنى آيا مى پرستيد آنچهـ مى تراشيد از سنك و چوب بدست خود] وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ حال من فاعل تعبدون مؤكدة للانكار والتوبيخ اى والحال انه تعالى خلقكم والخالق هو الحقيق بالعبادة دون المخلوق وَما تَعْمَلُونَ اى وخلق ما تعملونه من الأصنام وغيرها فان جواهر أصنامهم ومادتها بخلقه تعالى وشكلها وان كان بفعلهم لكنه باقدار الله تعالى إياهم عليه وخلقه ما يتوقف عليه فعلهم من الدواعي والعدد والأسباب فلم يلزم ان يكون الشيء مخلوقا لله تعالى ومعمولا لهم وظهر من فحوى الآية ان الافعال مخلوقة لله تعالى مكتسبة للعباد حسبما قالته اهل السنة والجماعة وبالاكتساب يتعلق الثواب والعقاب: قال المولى الجامى
فعل ما خواه زشت وخواه نكو ... يك بيك هست آفريده او
قالُوا [كفت نمرود وخواص او] وقال السهيلي فى التعريف قائل هذه المقالة لهم فيما ذكر الطبري اسمه الهيزن رجل من اعراب فارس وهم الترك وهو الذي جاء فى الحديث (بينا رجل يمشى فى حلة يتبختر فيها فخسف به فهو يتجلجل فى الأرض الى يوم القيامة) ابْنُوا لَهُ بُنْياناً [بنا كنيد براى سوختن ابراهيم بنايى واز هيزم پر ساخته آتش در ان زنيد]- روى- عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال بنوا حائطا من حجر طوله فى السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وملأوه حطبا واشعلوه نارا وطرحوه فيها كما قال فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فى النار الشديدة الإيقاد: وبالفارسية [پس طرح كنيد ودر افكنيد او را در آتش سوزان] من الجحمة وهى شدة التأجج والالتهاب واللام عوض عن المضاف اليه اى ذلك البنيان فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً اى شرا وهو ان يحرقوه بالنار عليه السلام لما قهر لهم بالحجة وألقمهم الحجر قصدوا ان يكيدوا به ويحتالوا لاهلاكه كما كاد أصنامهم بكسره إياهم لئلا يظهر للعامة عجزهم والكيد ضرب من الاحتيال كما فى المفردات فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ الأذلين بابطال كيدهم وجعله برهانا نيرا على علو شانه عليه السلام بجعل النار عليه بردا وسلاما على ما سبق تفصيل القصة فى سورة الأنبياء فان قلت لم ابتلاه تعالى بالنار فى نفسه قلت لان كل انسان يخاف بالطبع من ظهور صفة القهر كما قيل لموسى عليه السلام (وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) فاراه تعالى ان النار لا تضر شيأ الا بإذن الله تعالى وان ظهرت بصورة القهر وصفته وكذلك اظهر الجمع بين المتضادين بجعلها بردا وسلاما وفيه معجزة قاهرة لاعدائه فانهم كانوا يعبدون النار والشمس والنجوم ويعتقدون وصف الربوبية لها فاراهم الحق تعالى انها لا تضر الا بإذن الله تعالى وقد ورد فى الخبر ان النمرود لما شاهد النار كانت على ابراهيم بردا وسلاما قال ان ربك لعظيم نتقرب اليه بقرابين فذبح تقربا اليه