للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) إلخ فلما لم يكن من أهلها قلت لعله من اهل آية اخرى (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) قال بعضهم ربما كان النكاح واجب الترك إذا ادى الى معصية او مفسدة وفى الحديث (يأتى على الناس زمان لا ينال فيه المعيشة الا بالمعصية فاذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة) وفى الحديث (إذا اتى على أمتي مائة وثمانون سنة فقد حلت لهم العزوبة والترهب على رؤس الجبال) كما فى تفسير الكواشي قال امير المؤمنين على كرم الله وجهه إذا نفد عدد حروف بسم الله الرحمن الرحيم فانه يكون أوان خروج المهدى من بطن امه وقد نظم حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر هذا المعنى فى بيتين بقوله

إذا نفد الزمان على حروف ... ببسم الله فالمهدى قاما

ودورات الخروج عقيب صوم ... الا بلغه من عندى سلاما

ولولا الحسد لظهر سر العدد انتهى يقول الفقير ان اعتبر كل راء مكررا لان من صفتها التكرار يبلغ حساب الحروف الى الف ومائة وستة وثمانين فالظاهر من حديث الكواشي ان المراد مائة وثمانون بعد الالف وعليه قوله عليه السلام (خيركم بعد المائتين خفيف الحاذ) قالوا ما خفيف الحاذ يا رسول الله قال (الذي لا اهل له ولا ولد) وفى التأويلات النجمية (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) يشير الى المريدين الطالبين وهم محرومون من خدمة شيخ يتصرف فيهم ليودع فى أرحام قلوبهم النطفة من صلب الولاية فندبهم الى طلب شيخ من الرجل البالغين الواصلين الذين بهم تحصل الولادة الثانية فى عالم الغيب بالمعنى وهو طفل الولاية كما ان ولادتهم اولى حصلت فى عالم الشهادة بالصورة ليكون ولوجهم فى الملكوت كما ان عيسى عليه السلام قال لم يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين والنشأة الاخرى عبارة عن الولادة الثانية والعبد فى هذا المقام أمن من رجوعه الى الكفر والموت اما امنه من الكفر فبقوله تعالى (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) يعنى إذ كنتم نطفة (فَأَحْياكُمْ) بالولادة الاولى (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) بموت الارادة (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) بالولادة الثانية (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بجذبة (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً) واما امنه من الموت فبقوله تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً) يعنى بالارادة من الصفات النفسانية الحيوانية (فَأَحْيَيْناهُ) بنور الربوبية (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) اى بنور الله فهو حى بحياة الله لا يموت ابدا بل ينقل من دار الى دار (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) معدومى استعداد قبول الفيض الإلهي (يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) بان يجعلهم مستعدى قبول الفيض فان الطريق من العبد الى الله مسدود وانما الطريق من الله الى العبد مفتوح بانه تعالى هو الفتاح وبيده المفتاح (وَاللَّهُ واسِعٌ) الأرحام القلوب لتستعد لقبول فيضه (عَلِيمٌ) بايصاله الفيض إليها انتهى (وَلْيَسْتَعْفِفِ) ارشاد للعاجزين عن مبادى النكاح وأسبابه الى ما هو اولى لهم وأحرى بهم بعد بيان جواز مناكحة الفقراء والعفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة والمتعفف المتعاطى لذلك بضرب من الممارسة والقهر والاستعفاف طلب العفة. والمعنى ليجتهد فى العفة وقمع الشهوة الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً اى اسباب نكاح من مهر ونفقة فانه لا معنى لوجدان نفس العقد والتزوج وذلك بالصوم كما قال عليه السلام (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) معناه ان الصوم يضعف شهوته ويقهرها عن طلب الجماع

<<  <  ج: ص:  >  >>