ما يتعلق بالقهر والغلبة فاوجدنا على انس وهيبة فالانس من كونه جميلا والهيبة من كونه جليلا وهكذا جميع ما ينسب اليه تعالى ويسمى به من الأسماء المتقابلة كالهداية والإضلال والإعزاز والاذلال وغيرها فانه سبحانه أوجدنا بحيث نتصف بها تارة ويظهر فينا آثارها تارة فعبر عن هذين النوعين المتقابلين من الصفات باليدين لتقابلهما وتصرف الحق بهما فى الأشياء وهاتان اليدان هما اللتان توجهتا من الحق سبحانه على خلق الإنسان الكامل لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته التي هى مظاهر لجميع الأسماء فلهذا السر ثنى الله اليدين. واما الجمع فى قوله (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) فوارد على طريق التعظيم كما هو عادة الملوك وايضا ان العرب تسمى الاثنين جمعا كما فى قوله تعالى فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما واما الواحد فى قوله تعالى (يَدُ اللَّهِ) فباعتبار المبدأ والمآل والله الملك المتعال أَسْتَكْبَرْتَ بقطع الالف أصله أاستكبرت ادخلت همزة الاستفهام للتوبيخ والإنكار على همزة الوصل فحذفت همزة الوصل استغناء عنها بهمزة الاستفهام وبقيت همزة الاستفهام مفتوحة. والمعنى أتكبرت من غير استحقاق أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ المستحقين للتفوق والعلو ويحتمل ان يكون المراد بالعالين الملائكة المهيمين الذين ما أمروا بالسجود لآدم لاستغراقهم فى شهود الحق وهم الأرواح المجردة كما سبق بيانهم فى سورة الحجر قالَ إبليس إبداء للمانع قال الكاشفى [إبليس شق ثانى اختيار كرده كفت] أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ اى أفضل من آدم: وفى المثنوى
علتى بدتر ز پندار كمال ... نيست اندر جان تو اى ذو دلال
علت إبليس انا خيرى بدست ... وين مرض در نفس هر مخلوق هست
كرچهـ خود را بس شكسته بيند او ... آب صافى دان وسركين زير جو
چون بشوراند ترا در امتحان ... آب سركين رنك كرد در زمان
ثم بين وجه الخيرية بقوله خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ [بيافريدى مرا از آتش واو را لطافت ونورانيت است] نسب خلقه الى النار باعتبار الجزء الغالب إذ الشيطان مخلوق من نار وهواء مع انا نقول ان الله تعالى قادر على ان يخلقه من نار فقط من غير اختلاط شىء آخر معها من سائر العناصر ولا يستحيله الا فلسفى او متفلسف وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [وبيافريدى از كل كه در كثافت وظلمانيت است] نسب خلقه الى الطين باعتبار الجزء الغالب ايضا إذ آدم مخلوق من العناصر الاربعة. والمعنى لو كان آدم مخلوقا من نار لما سجدت له لانه مثلى فكيف اسجد لمن هو دونى لانه من طين والنار تغلب الطين وتأكله فلا يحسن ان يسجد الفاضل للمفضول فكيف يحسن ان يؤمر ظن ان ذلك شرف له ولم يعلم ان الشرف يكتسب بطاعة الله تعالى ولقد اخطأ اللعين حيث خص الفضل بما من جهة المادة والعنصر وزل عما من جهة الفاعل كما انبأ عنه قوله تعالى (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) وما من جهة الصورة كما نبه عليه قوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) واما من جهة الغاية وهو ملاك الأمر كما قال تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) ولذلك امر الملائكة بسجوده حين ظهر لهم انه اعلم منهم بما يدور عليه امر الخلافة فى الأرض وان له خواص ليست لغيره وفى تفسير سورة ص يعنى ان النار اقرب الى الأشرف الذي