قال فى بحر العلوم واعلم انه تعالى شهد ببراءته من الذنب ومدحه بانه من المحسنين وانه من عباده من المخلصين فوجب على كل أحد ان لا يتوقف فى نزاهته وطهارة ذيله وعفته وتثبته فى مواقع العثار قال الحسن لم يقص الله عليكم ما حكى من اخبار الأنبياء تعييرا لهم لكن لئلا تقنطوا من رحمته لان الحجة للانبياء الزم فاذا قبلت توبتهم كان قبولها من غيرهم اسرع وعدم ذكر توبة يوسف دليل على عدم معصيته لانه تعالى ما ذكر معصية عن الأنبياء وان صغرت الا وذكر توبتهم واستغفارهم منها كآدم ونوح وداود وابراهيم وسليمان عليهم السلام والاشارة ان يوسف القلب وان بلغ أعلى مراتبه فى مقام الحقيقة وفنائه عن صفات الانانية واستغراقه فى بحر صفات الهوية لا ينقطع عنه تصرفات زليخا الدنيا مادام هو فى بيتها وهو الجسد فان الجسد للقلب بيت دنيوى. فالمعنى انه وَراوَدَتْهُ يوسف القلب زليخا الدنيا الَّتِي هُوَ يوسف القلب فِي بَيْتِها اى فى الجسد الدنيوي اى عَنْ نَفْسِهِ لما رأت فى نفسه لتعلقه بالجسد داعية الاحتظاظ من الحظوظ الدنيوية ليحتظ منها وتحتظ منه وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وهى أبواب اركان الشريعة يعنى إذا فتحت الدنيا على القلب أبواب شهواتها وحظوظها غلقت عليه أبواب الشريعة التي تدخل منها أنوار الرحمة والهداية ونفحات الألطاف والعناية وَقالَتْ اى الدنيا هَيْتَ لَكَ اقبل الى واعرض عن الحق قالَ يعنى القلب الفاني عن نفسه الباقي بربه مَعاذَ اللَّهِ اى عياذى بالله مما سواه إِنَّهُ رَبِّي الذي ربانى بلبان الطاف ربوبيته أَحْسَنَ مَثْوايَ اى مقامى فى عالم الحقيقة فلا اعرض عنه إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ الذين يقبلون على الدنيا ويعرضون عن المولى وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ اى همت الدنيا بالقلب لما ترى فيه من الحاجة الضرورية الانسانية إليها وَهَمَّ بِها اى هم القلب بها فوق الحاجة الضرورية إليها لمشاركة النفس الحريصة على الدنيا ولذاتها لَوْلا أَنْ رَأى القلب بُرْهانَ رَبِّهِ وهو نور القناعة التي من تنائج نظر العناية الى قلوب الصادقين كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ عن القلب بنظر العناية السُّوءَ هو الحرص على الدنيا وَالْفَحْشاءَ وهو تصرف حب الدنيا فيه إِنَّهُ قلب كامل مِنْ عِبادِنَا لا من عباد الدنيا وغيرها الْمُخْلَصِينَ مما سوانا اى المخلصين من جنس الوجود المجازى الموصلين الى الوجود الحقيقي وهذا مقام كمالية القلب ان يكون عبد الله حرا عما سواه فانيا عن أوصاف وجوده باقيا باوصاف ربه كذا فى التأويلات النجمية- حكى- عن على بن الحسن انه كان فى البيت صنم فقامت زليخا وسترته بثوب فقال لها يوسف لم فعلت هذا قالت استحييت منه ان يرانى على المعصية
درون پرده كردم جايكاهش ... كه تا نبود بسوى من نكاهش
زمن آيين بي دينى نبيند ... درين كارم كه مى بينى نبيند
فقال يوسف أتستحيين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه وانا أحق ان استحيى من ربى الذي خلقنى فاحسن خلقى قال فى التبيان ان يوسف لما رأى البرهان قام هاربا مبادرا الى الباب فتبعته زليخا وذلك قوله تعالى وَاسْتَبَقَا الْبابَ بحذف حرف الجر اى تسابقا الى الباب البراني الذي هو المخرج من الدار ولذلك وحد بعد الجمع فيما سلف اما يوسف فللفرار منها