انا قد رأينا إخواننا قالوا يا رسول الله ألسنا اخوانك قال أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله فقال أرأيتم لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهرانى خيل دهم بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى يا رسول الله قال فانهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وانا فرطهم على الحوض استعار عليه السلام لأثر الوضوء من البياض فى وجه المتوضي ويديه ورجليه بنور الوضوء يوم القيامة من البياض الذي فى وجه الفرس ويديه ورجليه فان الغر جمع الأغر والغرة بالضم بياض فى جبهة الفرس فوق الدرهم والتحجيل بتقديم الحاء المهملة بياض قوائم الفرس كلها ويكون فى رجلين ويد وفى رجلين فقط وفى رجل فقط ولا يكون فى اليدين خاصة إلا مع الرجلين ولا فى يد واحدة دون الاخرى الا مع الرجلين والدهم جمع الأدهم بمعنى الأسود فان الدهمة بالضم السواد والبهم جمع الأبهم وفرس بهيم إذا كان على لون واحد لم يشبه غيره من الألوان ومنه استعير ما روى انه يحشر الياس يوم القيامة بهما بالضم اى ليس بهم شىء مما كان فى الدنيا نحو البرص والعرج والفرط بفتحتين المتقدم لاصلاح الحوض والدلو يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اى رسول خبر دهنده يا بلند قدر جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف يعنى جهاد كن با كافران بشمشير وَالْمُنافِقِينَ بالحجة او بالوعيد والتهديد او بإلقائهم بوجه قهر أو بإفشاء سرهم وقال القاشاني جاهد الكفار والمنافقين للمضادة الحقيقية بينك وبينهم قيل النفاق مستتر فى القلب ولم يكن للنبى عليه السلام سبيل الى ما فى القلوب من النفاق والإخلاص الا بعد اعلام من قبل الله فأمر عليه السلام بمجاهدة من علمه منافقا باعلام الله إياه باللسان دون السيف لحرمة تلفظه بالشهادتين وأن يجرى عليه احكام المسلمين مادام ذلك الى أن يموت وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ واستعمل الخشونة على الفريقين فيما تجاهد هما به من القتال والمحاجة وفيه اشارة الى ان الغلظة على أعداء الله من حسن الخلق فان ارحم الرحماء إذا كان مأمورا بالغلظة عليهم فما ظنك بغيره فهى لا تنافى الرحمة على الأحباب كما قال تعالى أشداء على الكفار رحماء بينهم وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ سيرون فيها عذابا غليظا يعنى ومقام باز كشت كافران ومنافقان اگر ايمان نيارند ومخلص نشوند دوزخست. قال القاشاني ماداموا على صفتهم او دائما ابد الزوال استعدادهم او عدمه وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى جهنم او مصيرهم وفيه تصريح بما علم التزاما مبالغة فى ذمهم وفيه اشارة الى نبى القلب المجاهد فى سبيل الله فانه مأمور بجهاد الكفار اى النفس الامارة بالسوء وصفاتها الحيوانية الشهوانية وبجهاد المنافقين اى الهوى المتبع وصفاته البهيمة والسبعية وبالغلظة عليهم بسيف الرياضة ورمح المجاهدة ومقامهم جهنم البعد والحجاب وبئس المصير إذ ذل الحجاب وبعد الاحتجاب أشد من شدة العذاب. يقول الفقير إذا كان الأعداء الظاهرة يحتاجون الى الغلظة والشدة فما ظنك باعدى الأعداء وهى النفس الامارة ففى الغلظة عليها نجاة وفى اللين هلاك ولذا قال بعض الشعراء
هست نرمى آفت جان سمور ... وز درشتى مى برد جان خارپشت
وفى المثل العصا لمن عصا وقول الشيخ سعدى
درشتى ونرمى بهم در بهست ... چوفصاد جراح ومرهم نهست