غير ذلك وَوَجَدَكَ عائِلًا اى فقيرا يؤبده ما فى مصحف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عديما يقال عال يعيل عيلا وعيلة افتقر اى فاعناك بمال خديجة رضى الله عنها او بما أفاء عليه من الغنائم حتى كان عليه السلام يهب المائة من الإبل وفى الحديث جعل رزقى تحت ظل رمحى وفيه اشارة الى أنه عليه السلام لو كان متمولا من أول الأمر لكان يسبق الى بعض الأوهام انه انما وجد العز والغلبة بسبب المال فلما علا كل العلو على الأغنياء والملوك علم أنه كان من جهة الحق وقيل قنعك واغنى قلبك قال عليه السلام ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ولذا قال الراغب اى أزال عنك فقر النفس وجعل لك الغنى الأكبر المعنى بقوله عليه السلام الغنى غنى النفس وقيل ما عال مقتصد اى ما افتقر وفى التأويلات النجمية اى فقيرا فانيا عن انيتك وانانيتك بحسب استعدادك القديم فاغنى بالبقاء بوجوده وجوده وأسمائه وصفاته انتهى فالفقر الحقيقي هو التخلي عما سوى الله وبذل الوجود وما يتبعه وهو الذي وقع الافتخار به قال الامام القشيري رحمه الله إغناء الله عبادة على قسمين فمنهم من يغنيهم بتنمية أموالهم وهم العوام وهو غنى مجازى ومنهم من يغنيهم بتصفية أحوالهم وهم الخواص وهو الغنى الحقيقي لأن احتياج الخلق الى همة صاحب الحال اكثر من احتياجهم الى نعمة صاحب المال ثم المراد من تعداد هذه النعم ليس الامتنان بل تقوية قلبه عليه السلام للاطمئنان بعد التوديع فَأَمَّا الْيَتِيمَ منصوب بقوله فَلا تَقْهَرْ والفاء سببية ليست بمانعة قال الرضى يتقدم المفعول به على الفعل ان كان المنصوب معمولا لما يلى الفاء التي فى جواب اما إذا لم يكن له منصوب سواه نحو قوله فاما اليتيم فلا تقهر لأنه لا بد من نائب مناب الشرط المحذوف بعد اما والقهر الغلبة والتذليل معا ويستعمل فى كل واحد منهما قال الراغب قوله فلا تقهر اى لا تذلله وقال غير فلا تغلبه على ماله وحقه لضعفه. وقدر ايشان بشناس كه شربت يتيمى چشيده. وكانت العرب تأخذ اموال اليتامى وتظلمهم حقوقهم وفى الحديث إذا بكى اليتيم وقعت دموعه فى كف الرحمن فيقول من ابكى هذا اليتيم الذي واريت والده تحت الثرى من أسكته اى أرضاه فله الجنة.
الا تا نكويد كه عرش عظيم ... بلرزد همى چون بگريد يتيم
وقال مجاهد لا تحتقر فان له ربا ينصره وقرئ فلا تكهر اى فلا تعبس فى وجهه وفى التأويلات النجمية اى لا تقهر يتيم نفسك بكثرة الرياضة والمجاهدة من الجوع والسهر فان نفسك مطيتك وان لنفسك عليك حقا كما قال طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ النهر والانتهار الزجر بمغالظة اى فلا تزجر ولا تغلظ له القول بل رده ردا جميلا يعنى بانك بر وى مزن ومحروم مساز كه درد بي نوايى وتنكدستى كشيده. وهذا الثاني بمقابلة الأخير وهو ووجدك عائلا فأغنى لمراعاة الفواصل والآية بينة لجميع الخلق لأن كل واحد من الناس كان فقيرا فى الأصل فاذا أنعم الله عليه وجب ان يعرف حق الفقراء.