للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإثبات والقتل والإخراج كما حكى الله عنهم فى سورة الأنفال بقوله (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) لَهُمْ بسبب مكراتهم عَذابٌ شَدِيدٌ فى الدنيا والآخرة لا يدرك غايته ولا يبالى عنده بما يمكرون به وَمَكْرُ أُولئِكَ المفسدين الذين أرادوا ان يمكروا به عليه السلام. وضع اسم الاشارة موضع ضميرهم للايذان بكمال تميزهم بما هم فيه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك هُوَ خاصة دون مكر الله بهم وفى الإرشاد لا من مكروا به يَبُورُ يهلك ويفسد فان البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدى الى الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك والفساد ولقد ابارهم الله تعالى ابارة بعد ابارة مكراتهم حيث أخرجهم من مكة وقتلهم واثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التي اكتفوا فى حقه عليه السلام بواحدة منهن قل كل يعمل على شاكلته فللمكر السيّء قوم أشقياء غاية أمرهم الهلاك وللكلم الطيب والعمل الصالح قوم سعداء نهاية شأنهم النجاة قال مجاهد وشهر بن حوشب المراد بالآية اصحاب الرياء وفى التأويلات النجمية بقوله (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) يشير الى الذين يظهرون الحسنات بالمكر ويخفون السيئات من العقائد الفاسدة ليحسبهم الخلق من الصالحين الصادقين (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) وشدة عذابهم فى تضعيف عذابهم فانهم يعذبون بالسيئات التي يخفونها ويضاعف لهم العذاب بمكرهم فى اظهار الحسنات دون حقيقتها كما قال تعالى (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) اى مكرهم يبوّرهم ويهلكهم انتهى وانما تظهر الكرامات بصدق المعاملات قال ابو يزيد البسطامي قدس سره [كفت شبى خانه روشن كشت كفتم اگر شيطانست من از ان عزيزترم وبلند همت كه او را در من طمع افتد واگر از نزديك تست بگذار تا از سراى خدمت بسراى كرامت رسم] فالخدمة فى طريق الحق بالخلوص وسيلة الى ظهور الأنوار وانكشاف الاسرار وقد قيل ليس الايمان بالتمني يعنى لا بد للتصديق من مقارنة العمل ولا بد لتحقيق التصديق من صدق المعاملة فمن وقع فى التمني المجرد فقد اشتهى جريان السفينة فى البر

كر همه علم عالمت باشد ... بى عمل مدعى وكذابى

حفظنا الله وإياكم من ترك المحافظة على الشرائع والاحكام وشرفنا بمراعاة الحدود والآداب فى كل فعل وكلام انه ميسر كل مراد ومرام وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ دليل آخر على صحة البعث والنشور اى خلقكم ابتداء من التراب فى ضمن خلق آدم خلقا اجماليا لتكونوا متواضعين كالتراب. وفى الحديث (ان الله جعل الأرض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من التراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) وقال بعضهم من تراب تقبرون وتدفنون فيه وفى التأويلات النجمية يشير الى انكم ابعد شىء من المخلوقات الى الحضرة لان التراب أسفل المخلوقات وكثيفها فان فوقه ماء وهو ألطف منه وفوق الماء هواء وهو ألطف منه وفوق الهواء اثير وهو ألطف من الهواء وفوق الأثير السماء وهى ألطف من الأثير ولكن لا تشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>