تعالى الى جوار رحمته وكان فرعون قد تزوج امرأة من أجمل نساء بنى إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم فرأت ما صنع فرعون بالماشطة فقالت فى نفسها كيف يسعنى ان اصبر على ما يفعل فرعون وانا مسلمة وهو كافر فبينما هى تؤامر نفسها إذ دخل عليها فرعون فجلس قريبا منها فقالت يا فرعون أنت شر الخلق وأخبثهم عمدت الى الماشطة فقتلتها قال فلعلك بك الجنون الذي كان بها قالت ما بي من جنون وانما المجنون من يكفر بالله الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما وحده لا شريك له وهو على كل شىء قدير فمدها بين أربعة أوتاد يعذبها ففتح الله لها بابا الى الجنة ليهون عليها ما يصنع بها فرعون فعند ذلك قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله فقبض الله روحها وأسكنها الجنة العالية وقد سبق طرف من هذه القصة فى آخر سورة التحريم فارجع ثم فى عاد اشارة الى الطبيعة البشرية وفى ثمود الى القوة الشهوية وفى فرعون الى القوة الغضبية فلا بد للسالك من تزكيتها وازالة آثارها الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ صفة للمذكورين من الطوائف الثلاث فيكون مجرور المحل لكون بعض المذكورين قبله مجرورا بالباء وبعضها معطوفا عليه وهو أحسن بحسب اللفظ إذ لا حذف فيه واختار صاحب الكشاف كونه منصوبا على الذم بتقدير اعنى لكونه صريحا فى الذم والمقام مقام الذم وهو أحسن نظرا الى المعنى والمعنى طغى كل طائفة منهم فى بلادهم وتجاوزوا الحد يعنى طغى عاد فى اليمن وثمود بأرض الشام والقبط بمصر كما ان نمرود طغى بالسواد وقس على هذا سائرهم فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ اى بالكفر وسائر المعاصي فان الفساد يتناول جميع اقسام الإثم كما ان الصلاح يتناول جميع اقسام البر فمن عمل بغير امر الله وحكم فى عباده بالظلم فهو مفسد متجاوز عن الحد الذي حد له وفيه خوف شديد لاكثر حكام الزمان ونحوهم فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ صب الماء اراقته من أعلى اى انزل انزالا شديدا على كل طائفة من أولئك الطوائف عقيب ما فعلت من الطغيان والفساد سَوْطَ عَذابٍ السوط الجلد المضفور اى المنسوج المفتول الذي يضرب به اى عذابا شديدا لا تدرك غايته وهو عبارة عما حل بكل منهم من فنون العذاب التي شرحت فى سائر السور الكريمة وهى الريح لعاد والصيحة لثمود والغرق للقبط وتسميته سوطا للاشارة الى ان ذلك بالنسبة الى ما أعد لهم فى الآخرة بمنزلة السوط عند السيف قال ابو حيان استعير السوط للعذاب لانه يقتضى من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره (وقال الكاشفى) چون عرب ضرب تازيانه را سخت ترين عذابها مى دانستند. يعنى ان السوط عندهم غاية العذاب. هر كونه از عذاب را نيز سوط ميكفتند حق سبحانه بقانون كلام ايشان عذابهاى خود را سوط كفت قال الشاعر
الم تر ان الله اظهر دينه ... وصب على الكفار سوط عذاب
والتعبير عن انزاله بالصب للايذان بكثرته واستمراره وتتابعه فانه عبارة عن اراقة شىء مائع او جار مجراه فى السيلان كالرمل والحبوب وافراغه بشدة وكثرة واستمرار ونسبته