الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة بازالة ما فيه من الفساد والاول أعز واندر ولذلك جاءت أوائل الأحوال لا كثر الرجال متكدرة مشوبة وبالحجب الكثيرة مصحوبة [در بحر الحقائق آورده كه تشبيه كند وادي نمل را بهواي نفس حريص بر دنيا ونمله منذره را بنفس لو امه وسليمان را بقلب ومساكن را بحواس خمسه] فعلى العاقل ان يكون عالى الهمة على مشرب سليمان كما يدل عليه سيره فى جو الهواء فانه بعد عن الأرض وما تحويه قرب من السماء ومعاليه وانما التفت الى النملة تواضعا كما قال الحافظ
نظر كردن بدرويشان منافئ بزركى نيست ... سليمان با چنين حشمت نظرها بود با مورش
ومن يكن من أطيار هواء العشق فانه يفهم ألسنة الطير ومن لم ير سليمان الوقت كيف أدرك معنى الصوت
چون نديدى دمى سليمانرا ... تو چهـ دانى زبان مرغانرا
والمراد بسليمان هو المرشد الكامل الذي بيده خاتم الحقيقة وبه يحفظ أقاليم القلوب ويطلع على اسرار الغيوب فالكل ينقاد له اما طوعا او كرها والذي ينقاد كرها هو كالشياطين فلا بد من معرفة امام الوقت والانقياد له طوعا كما قال عليه السلام (من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) ثم ان سليمان عليه السلام دعا بالثبات على الشكر والصلاح وختمه بسؤال الجنة كما فعل آباؤه الأنبياء الكرام وهو لا ينافى عصمته وكونه مأمون الغائلة بالنسبة الى الخاتمة وفيه ارشاد للامة ان يكونوا على حالة حسنة من الشريعة ومرتبة مرضية من الطريقة ومنصب شريف من المعرفة ومقام عال من الحقيقة فان من لم ينضم الى معرفته الشريعة ومعاملة العبودية فهو مع الهالكين الفاسقين فى الدنيا والآخرة لا مع الاحياء الصالحين فى الأمور الباطنة والظاهرة نسأل الله سبحانه ان يوفقنا للاعمال المرضية والأحوال الحسنة ويحلينا بخلع الزهد والتقوى وغيرها من الأمور المستحسنة انه بالاجابة جدير وهو على كل شىء قدير وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ قال فى القاموس تفقده طلبه عن غيبة وفى كشف الاسرار التفقد طلب المفقود وانما قيل له التفقد لان طالب الشيء يدرك بعضه ويفقد بعضه وفى المفردات التفقد التعهد لكن حقيقة التفقد تعرف فقدان الشيء والتعهد تعرف العهد المقدم. والطير اسم جامع للجنس كما فى الوسيط والمعنى وتعرف سليمان احوال الطير ولم ير الهدهد فيما بينها وكان رئيس الهداهد واسمه يعفور فَقالَ ما لِيَ اى أي شىء حصل لى حال كونى لا أَرَى الْهُدْهُدَ لساتر ستره او لشىء آخر ثم بدا له ان كان غائبا فاضرب عنه فاخذ يقول أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ بل أهو غائب فام منقطعة مقدرة ببل والهمزة: وبالفارسية [چيست مرا كه در خيل طير نمى بينم هدهد را يا چشم من بر وى نمى افتد يا هست از غائب شدكان زين جمع] وفى الوسيط مالى لا ارى الهدهد اى ما للهدهد لا أراه تقول العرب مالى أراك كئيبا معناه مالك ولكنه من القلب الذي يوضحه المعنى وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الواجب على الملوك التيقظ فى مملكتهم وحسن قيامهم وتكفلهم بامور رعاياهم وتفقد أصغر رعيتهم كما يتفقدون أكبرها بحيث لم يخف عليهم غيبة الأصاغر والأكابر منهم كما ان سليمان عليه السلام تفقد حال أصغر