عن قبول الحق إذا فهموه ويتواضعون ولا يتكبرون كاليهود. وفيه دليل على ان التواضع والإقبال على العلم والعمل والاعراض عن الشهوات محمود وان كانت فى كافر أقول ذكر عند حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة رجولية بعض اهل الذمم ومروته فقال انه من آثار السعادة الازلية ويرجى ان ذلك يدعوه الى الايمان والتوحيد ويصير عاقبته الى الفلاح: قال الحافظ
كارى كنيم ور نه خجالت بر آورد ... روزى كه رخت جان بجهان دگر كشيم
- تم الجزء السادس- الجزء السابع من الاجزاء الثلاثين وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ عطف على لا يستكبرون اى ذلك بسبب انهم لا يستكبرون وان أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا عند سماع القرآن وهو بيان لرقة قلوبهم وشدة خشيتهم ومسارعتهم الى قبول الحق وعدم تأنفهم عنه تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ اى تملأ بالدمع فاستعير له الفيض الذي هو الأنصاب من الامتلاء مبالغة ومن الدمع متعلق بتفيض ومن لابتداء الغاية والمعنى تفيض من كثرة الدمع والرؤية بصرية وتفيض حال من المفعول مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ من الاولى لابتداء الغاية متعلق بمحذوف على انها حال من الدمع والثانية لبيان الموصول فى قوله ما عرفوا اى حال كونه ناشئا ومبتدأ من معرفة الحق حاصلا من اجله وبسببه كأنه قيل ماذا يقولون عند سماع القرآن فقيل يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا بهذا القرآن فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ اى اجعلنا فى جملة الذين شهدوا بانه حق وَما لَنا اى أي شىء حصل لنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ حال من الضمير فى لنا اى غير مؤمنين على توجيه الإنكار والنفي الى السبب والمسبب جميعا وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ عطف على الجلالة اى بالله وما جاءنا من الحق حال من فاعل جاءنا اى جاءنا فى حال كونه من جنس الحق او من لابتداء الغاية متعلقة بجاءنا ويكون المراد بالحق الباري تعالى وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ حال اخرى من الضمير المذكور بتقدير مبتدأ اى أي شىء حصل لنا غير مؤمنين ونحن نطمع فى صحبة الصالحين وانما قدر المبتدأ ليكون الحال هو الجملة الاسمية لان المضارع المثبت لا يقع حالا بالواو الا بتأويل تقدير المبتدأ فَأَثابَهُمُ اللَّهُ اى أعطاهم وجازاهم بِما قالُوا اى عن اعتقادهم بدليل قوله مما عرفوا من الحق جَنَّاتٍ اى بساتين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى تجرى من تحت أشجارها ومساكنها وغرفها انهار الماء والعسل والخمر واللبن خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الثواب جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ اى الذين أحسنوا النظر والعمل او الذين اعتادوا الإحسان فى الأمور وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فماتوا على ذلك عطف التكذيب بآيات الله على الكفر مع انه ضرب منه لما ان القصد الى بيان حال المكذبين أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ