للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى شر الخليقة اى أعمالا وهو الموافق لما سيأتى فى حق المؤمنين فيكون فى حيز التعليل لخلودهم فى النار او شرهم مقاما ومصيرا فيكون تأكيدا لفظاعة حالهم وتوسيط ضمير الفصل لأفادة الحصر اى هم شر البرية دون غيرهم كيف لاوهم شر من السراق لأنهم سرقوا من كتاب الله نعوت محمد عليه السلام وشر من قطاع الطريق لأنهم قطعوا الدين الحق على الخلق وشر من الجهال الأجلاف لأن الكفر مع العلم يكون كفر عناد فيكون أقبح من كفر الجهال وظهر منه أن وعيد العلماء السوء أعظم من وعيد كل أحد ومن تاب منهم واسلم خرج من الوعيد وقيل لا يجوز ان يدخل فى الآية ما مضى من الكفار لأن فرعون كان شرامنهم واما الآية الثانية الدالة على ثواب المؤمنين فعامة فيمن تقدم وتأخر لأنهم أفضل الأمم والبرية مخففة من المهموز من برا بمعنى خلق فهو البارئ اى الموجد والمخترع من العدم الى الوجود وقد قرأ نافع وابن ذكوان على الأصل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يفهم من مقابلة الجمع بالجمع انه لا يكلف الواحد بجميع الصالحات بل لكل مكلف حظ فحظ الغنى الإعطاء وحظ الفقير الاخذ والصبر والقناعة أُولئِكَ المنعوتون بما هو فى الغاية القاصية من الشرف والفضيلة من الايمان والطاعة هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ استدل بالآية على ان البشر أفضل من الملك لظهور أن المراد بقوله ان الذين آمنوا هو البشر والبرية يشمل الملك والجن سئل الحسن رحمه الله عن قوله أولئك هم خير البرية أهم خير من الملائكة قال ويلك وانى تعادل الملائكة الذين آمنوا وعملوا الصالحات

ملائك را چهـ سود از حسن طاعت ... چوفيض عشق بر آدم فرو ريخت

جَزاؤُهُمْ بمقابلة مالهم من الايمان والطاعات وهو مبتدأ عِنْدَ رَبِّهِمْ ظرف للجزاء جَنَّاتُ عَدْنٍ اى دخول جنات عدن وهو خبر للمبتدأ والعدن الاقامة والدوام وقال ابن مسعود رضى الله عنه عدن بطنان الجنة اى وسطها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ميرود از زير أشجار آن چويها چهـ بستان بي آب روان نشايد. وفى الإرشاد ان أريد بالجنات الأشجار الملتفة الاغصان كما هو الظاهر فجريان الأنهار من تحتها ظاهر وان أريد بها مجموع الأرض وما عليها فهو باعتبار الجزء الظاهر وأيا ما كان فالمراد جريانها بغير أخدود وجمع جنات يدل على أن للمكلف جنات كما يدل عليه قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال ومن دونها جنتان فذكر للواحد اربع جنات والسبب فيه أنه بكى من خوف الله تعالى وذلك البكاء انما نزل من اربعة أجفان اثنان دون اثنين فاستحق به جنتين دون جنتين فحصل له اربع جنان لبكائه باربعة أجفان وقيل أنه تعالى قابل الجمع بالجمع فى قوله جزاؤهم عند ربهم جنات وهو يقتضى مقابلة الفرد بالفرد فيكون لكل مكلف جنة واحدة لكن ادنى تلك الجنات مثل الدنيا بما فيها عشر مرات كذا روى مرفوعا ويدل عليه قوله تعالى وملكا كبيرا او الالف واللام فى الأنهار للتعريف فتكون منصرفة الى الأنهار المذكورة فى القرآن وهى نهر الماء ونهر اللبن ونهر العسل ونهر

<<  <  ج: ص:  >  >>