للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأثرهم من التذكير والانذار ولما كان مناط ثبوت القول وتحققه عليهم إصرارهم على الكفر الى الموت كان قوله (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) متفرعا فى الحقيقة على ذلك لا على ثبوت القول قال الكاشفى [مراد آنانند كه خداى تعالى ميدانست كه ايشان بر كفر ميرند يا بر شرك كشته شوند چون ابو جهل وإضراب او] وحقيقة هذا المقام ان الكل سعيدا كان او شقيا يجرون فى هذه النشأة على مقتضى استعداداتهم فالله تعالى يظهر أحوالهم على صفحات أعمالهم لا يجبرهم فى شىء أصلا فمن وجد خيرا فليحمد الله تعالى ومن وجد غيره فلا يلومن الا نفسه والأعمال امارات وليست بموجبات فان مصير الأمور فى النهاية الى ما جرى به القدر فى البداية وفى الخبر الصحيح روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى يديه كتابان فقال للذى فى يده اليمنى (هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا) ثم قال للذى بشماله (هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل النار واسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا) ثم قال بيده فنبذهما ثم قال (فرغ ربكم من العباد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) وحكم الله تعالى على الأكثر بالشقاوة فدل على ان الأقل هم اهل السعادة وهم الذين سمعوا فى الأزل خطاب الحق ثم إذا سمعوا نداء النبي عليه السلام أجابوه لما سبق من الاجابة لنداء الحق. وانما كان اهل السعادة اقل لان المقصود من الإيجاد ظهور الخليفة من العباد وهو يحصل بواحد مع ان الواحد على الحق هو السواد الأعظم فى الحقيقة قال بعض الكبار من رأى محمدا عليه السلام فى اليقظة فقد رأى جميع المقربين لانطوائهم فيه ومن اهتدى بهداه فقد اهتدى بهدى جميع النبيين. والإسلام عمل. والايمان تصديق. والإحسان رؤية او كالرؤية فشرط الإسلام الانقياد وشرط الايمان الاعتقاد وشرط الإحسان الاشهاد فمن آمن فقد أعلى الدين ومن أعلاه فقد تعرض لعلوه وعزه عند الله تعالى ومن كفر فقد أراد اطفاء نور الله والله متم نوره: وفى المثنوى

هر كه بر شمع خدا آرد پفو ... شمع كى ميرد بسوز و پوز او «١»

لما قال المشركون يوم أحد اعل هبل اعل هبل إذ لهم الله وهبلهم وهو صنم كان يعبد فى الجاهلية وهو الحجر الذي يطأه الناس فى العتبة السفلى من باب بنى شيبة وهو الآن مكبوب على وجهه وبلط الملوك فوقه البلاط فان كنت تفهم مثل هذه الاسرار والا فاسكت والله تعالى حكيم يضع الأمور كلها فى مواضعها فكل ما ظهر فى العالم فهو حكمة وضعه فى محله لكن لا بد من الإنكار لما أنكره الشارع فاياك والغلط إِنَّا بمقتضى قهرنا وجلالنا جَعَلْنا خلقنا او صيرنا فِي أَعْناقِهِمْ جمع عنق بالفارسية [كردن] والضمير الى اكثر اهل مكة أَغْلالًا عظيمة ثقالا جمع غل بالضم وهو ما يشد به اليد الى العنق للتعذيب والتشديد سواء كان من الحديد او غيره وقال القهستاني الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس وفى المفردات اصل الغلل تدرع الشيء وتوسطه ومنه الغلل للماء الجاري مختص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه وغل فلان قيد به وقيل للبخيل هو مغلول اليد قال تعالى


(١) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن از طعانه را إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>