للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصف مدعى الطلب الكذابين فى دعواهم المتشبهين بزى ارباب الصدق والطلب وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الطالبين الصادقين بإظهار الدعوى من غير المعنى اى يفرقون بين الاخوان فى الله فى طلب انواع الحيل تارة بطلب صحبة معهم ومرافقتهم فى الاسفار وتارة بذكر البلدان وكثرة النعم فيها وطيب هوائها وكرم أهلها وإرادتهم لهذه الطائفة ليزعجوهم عن خدمة المشايخ وصحبة الاخوان وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ ليوقعوهم فى بلاء صحبة الإباحية من مدعى الفقر والمعرفة وهم يحاربون الله بترك دينه وشريعته ورسوله بترك متابعته واحياء سنته وَلَيَحْلِفُنَّ لهم إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى فيما دعوناكم اليه وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما يدعون ويحلفون كذا فى التأويلات النجمية لا تَقُمْ يا محمد للصلاة فِيهِ اى فى مسجد هؤلاء المنافقين أَبَداً قال سعدى المفتى اى لا تصل فيه عبر بالقيام عن الصلاة كما فى قولهم فلان يقوم الليل ومنه الحديث الصحيح (من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) لَمَسْجِدٌ مسجد قبا واللام للابتداء او القسم أُسِّسَ التأسيس احكام أس البناء وهو أصله يعنى أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه ايام مقامه بقبا عَلَى التَّقْوى قال فى التبيان اى بيت حدوده ورفعت قواعده على طاعة الله وفى الحدادي لوجه الله وعلى هاهنا للمصاحبة بمعنى مع كما فى قوله تعالى وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ كما فى حواشى سعدى المفتى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ من ايام وجوده وتأسيسه متعلق باسس وكلمة من الجارة إذا كانت للابتداء تجر المكان كثيرا كما فى قولك جئت من البصرة وقد تجر الزمان ايضا عند الكوفيين كما فى هذه الآية فالمعنى منذ أول يوم بنى لان منذ لابتداء الغاية فى الزمان تقول ما رأيته منذ شهر وقال الرضى من فى الآية بمعنى فى وذلك كثير فى الظروف. ويقال أراد بالمسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة والاول أشهر وأوفق للقصة إذ المسجد بقبا فالموازنة بينهما اولى من الموازنة بين ما بقبا وما بالمدينة قال الحدادي لا يمتنع ان يكون المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى كلا المسجدين مسجد النبي عليه السلام ومسجد قبا أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ اى اولى ان تصلى فيه فان قيل لم قال الله تعالى أحق ان تقوم فيه مع ان المفاسد الأربع المذكورة بقوله ضرارا وكفرا وتفريقا وارصادا تمنع جواز قيامه فى الآخر والجواب ان الكلام مبنى على النزول والمعنى لو فرضنا جواز القيام فى مسجد الضرار لكان القيام فى مسجد التقوى أحق واولى لكونه على قاعدة محكمة فكيف والقيام فيه باطل لكونه مبنيا لاغراض فاسدة ويجوز ان يقال أحق ليس للتفضيل بل بمعنى حقيق كما قال المولى ابو السعود والمراد بكونه أحق كونه حقيقا به إذ لا استحقاق فى مسجد الضرار رأسا وانما عبر عنه بصيغة التفضيل لفضله وكماله فى نفسه او الافضلية فى الاستحقاق المتناول ما يكون باعتبار زعم الباني ومن يتابعه فى الاعتقاد وهو الأنسب بما سيأتى فِيهِ اى فى المسجد المؤسس على التقوى رِجالٌ يعنى الأنصار جملة مستأنفة مبينة لا حقيته لقيامه عليه السلام فيه من جهة الحال بعد بيان احقيته له من حيث المحل يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا من الأنجاس والاخباث مطلقا بدنية كانت او عملية كالمعاصى والخصال الذميمة وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ اى يرضى عن

<<  <  ج: ص:  >  >>