للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى فى الجامعية والإحاطة وَهُوَ اى الله تعالى وحده الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً كاللباس يستركم بظلامه كما يستر اللباس فشبه ظلامه باللباس فى الستر. واصل اللبس ستر الشيء وجعل اللباس وهو ما يلبس اسما لكل ما يغطى الإنسان من قبيح وجعل الزوج لزوجها لباسا فى قوله (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) من حيث انه يمنعها عن تعاطى قبيح وجعل التقوى لباسا فى قوله (وَلِباسُ التَّقْوى) على طريق التمثيل والتشبيه فان قلت إذا كان ظلمة الليل لباسا فلا حاجة الى ستر العورة فى صلاة الليل قلت لا اعتبار لستر الظلمة فان ستر العورة باللباس ونحوه لحق الصلاة وهو باق فى الظلمة والضوء وَالنَّوْمَ سُباتاً النوم استرخاء اعصاب الدماغ بر طوبات البخار الصاعد والسبت قطع العمل ويوم سبتهم يوم قطعهم للعمل وسمى يوم السبت لذلك او لانقطاع الأيام عنده لان الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة ايام فقطع عمله يوم السبت كما فى المفردات. والمعنى وجعل النوم الذي يقع فى الليل غالبا راحة للابدان بقطع المشاغل والأعمال المختصة بحال اليقظة او جعله موتا فعبر عن القطع بالسبات الذي هو الموت لما بينهما من المشابهة التامة فى انقطاع الحياة وعليه قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) فالموت والنوم من جنس واحد خلا ان الموت هو الانقطاع الكلى اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهر البدن وباطنه والنوم هو الانقطاع الناقص اى انقطاع ضوء الروح عن ظاهره دون باطنه والمسبوت الميت لانقطاع الحياة عنه والمريض المغشى عليه لزوال عقله وتمييزه وعليه قولهم مثل المبطون والمفلوج والمسبوت ينبغى ان لا يبادر الى دفنهم حتى يمضى يوم وليلة ليتحقق موتهم وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً النهار الوقت الذي ينتشر فيه الضوء وهو فى الشرع ما بين طلوع الفجر الى غروب الشمس وفى الأصل ما بين طلوع الشمس الى غروبها والنشور اما من الانتشار اى وجعل النهار ذا نشور اى انتشار ينتشر فيه الناس لطلب المعاش وابتغاء الرزق كما قال (لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) او من نشر الميت إذا عاد حيا اى وجعل النهار زمام بعث من ذلك السبات والنوم كبعث الموتى على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه اى نفس البعث على طريق المبالغة وفيه اشارة الى ان النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور وعن لقمان عليه السلام يا بنى كما تنام فتوقظ كذلك تموت فتنشر: وفى المثنوى

نوم ما چون شد أخ الموت اى فلان ... زين برادر آن برادر را بدان «١»

وفى الآية رخصة للمنام بقدر دفع الضرورة وهو فتور البدن قال بعض الكبار النوم راحة للبدن والمجاهدات اتعاب البدن فيتضادان وحقيقة النوم سد حواس الظاهر لفتح حواس القلب والحكمة فى النوم ان الروح القدسي او اللطيفة الربانية او النفس الناطقة غريبة جدا فى هذا الجسم السفلى مشغولة باصلاحه وجلب منافعه ودفع مضاره محبوسة فيه مادام المرء يقظان فاذا نام ذهب الى مكانه الأصلي ومعدنه الذاتي فيستريح بواسطة لقاء الأرواح ومعرفة المعاني والغيوب مما يتلقى فى حين ذهابه الى عالم الملكوت من المعاني التي يراها بالامثلة فى عالم الشهادة وهو السر فى تعبير الرؤيا فاذا هجر المجاهد النوم والاستراحة ذابت


(١) در اواخر دفتر چهارم در بيان مثال ديكر هم دران معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>