اى أليس الذي فعل ما ذكر باحكم الحاكمين صنعا وتدبيرا حتى يتوهم عدم الاعادة والجزاء اى أليس ذلك بأبلغ اتقانا للامور من كل متقن لها إذا لحاكم هو المتقن للامور ويلزمه كونه تام القدرة كامل العلم وحيث استحال عدم كونه احكم الحاكمين تعين الاعادة والجزاء او المعنى أليس الله باقضى القاضين يحكم بينك وبين من يكذبك بالحق والعدل يقال حكم بينهم اى قضى فالآية وعيد للمكذبين وانه يحكم عليهم بما هم اهله وكان عليه السلام إذا قرأها يقول بلى وانا على ذلك من الشاهدين يعنى خارج الصلاة كما فى عين المعاني ويأمر بذلك ايضا قال من قرأ أليس الله باحكم الحاكمين فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ هذه السورة أعطاه الله خصلتين العافية واليقين مادام فى الدنيا ويعطى من الاجر بعدد من قرأها تمت سورة التين بعون الله المعين
[تفسير سورة العلق]
ثمان عشرة او تسع عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
اقْرَأْ اى ما يوحى إليك يا محمد فان الأمر بالقراءة يقتضى المقروء قطعا وحيث لم يعين وجب ان يكون ذلك ما يتصل بالأمر حتما سوآء كانت السورة أول ما نزل أم لا فليس فيه تكليف ما لا يطاق سوآء دل الأمر على الفور أم لا والأقرب أن هذا الى قوله ما لم يعلم أول ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة والخلاف انما هو فى تمام السورة عن عائشة رضى الله عنها أول ما ابتدئ به رسول الله عليه السلام من النبوة حين أراد الله به كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصالحة كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح اى كضيائه وانارته فلا يشك فيها أحد كما لا يشك فى وضوح ضياء الصبح وانما ابتدئ عليه السلام بالرؤيا لئلا يفجأه الملك الذي هو جبريل بالرسالة فلا تتحملها القوة البشرية لانهما لا تحتمل رؤية الملك وان لم يكن على صورته الاصلية ولا على سماع صوته ولا على ما يخبر به فكانت الرؤيا تأنيسا له وكانت مدة الرؤيا ستة أشهر على على ما هو ادنى الحمل ثم جاءه الملك فعبر من عالم الرؤيا الى عالم المثال ولذا قال الصوفية ان الحاجة الى التعبير انما هى فى مرتبة النفس الامارة واللوامة وإذا وصل السالك الى النفس الملهمة كما قال تعالى فألهمها فجورها وتقواها قل احتياجه الى التعبير لأنه حينئذ يكون ملهما من الله تعالى فمرتبة الإلهام له كمرتبة مجيئ الملك للرسول عليه السلام فاذا كانت مدة الرؤيا ذلك العدد يكون ابتداؤها فى شهر ربيع الاول وهو مولده عليه السلام ثم اوحى اليه فى اليقظة فى شهر رمضان وكان عليه السلام فى تلك المدة إذا خلا يسمع نداء يا محمد يا محمد ويرى نورا اى يقظة وكان يخشى ان يكون الذي يناديه تابعا من الجن كما ينادى الكهنة وكان فى جبل حرآء غار وهو الجبل الذي نادى رسول الله بقوله الى يا رسول الله لما قال له ثبير وهو على ظهره اهبط عنى يا رسول الله فانى أخاف ان تقتل على ظهرى وكان عليه السلام يتعبد فى