للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الانشقاق]

خمس وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم

إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ إعرابه كأعراب إذا السماء انفطرت اى انفتحت بغمام أبيض يخرج منها كقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام والباء للآلة كما فى قولك انشقت الأرض بالنبات وفى ذلك الغمام الملائكة ينزلون وفى أيديهم صحائف الأعمال او فيه ملائكة العذاب وكان ذلك أشد وأفظع من حيث انه جاءه العذاب من موضع الخير فيكون انشقاق السماء لنزول الملائكة بالأوامر الالهية وقيل للسقوط والانتقاض وقيل لهول القيامة وكيف لا تنشق وهى فى قبضة قهر. اقل من خردلة ولا منع من جميع هذه الأقوال فانها تنشق لهيبة الله فتنزل الملائكة ثم يؤول أمرها الى الفساد والاختلال وعن على رضى الله عنه تنشق من المجرة وهى بفتح الميم باب السماء اى البياض المستطيل فى وسط السماء سميت بذلك لانها كأثر المجر ويقال لها بالفارسية راه حاجيان وكهكشان. تنشق السماء من ذلك الموضع كأنه مفصل ملتئم فتصدع منه وَأَذِنَتْ لِرَبِّها واستمعت اى انقادت وأذعنت لتأثير قدرته تعالى حين تعلقت قدرته وإرادته بانشقاقها انقياد المأمور المطواع إذا ورد عليه امر الآمر المطاع فهو استعارة تمثيلية متفرعة على المجاز المرسل يعنى إذا اطلق الاذن وهو الاستماع فى حق من له حاسة السمع والاستماع بها يراد بها الاجابة والانقياد مجازا وإذا اطلق فى حق نحو السماء مما ليس فى شأنه الاستماع والقبول يكون استعارة تمثيلية فقوله اتينا طائعين يدل على نفوذ القدرة فى الإيجاد والإبداع من غير ممانعة أصلا وقوله وأذنت لربها يدل على نفوذ القدرة فى التفريق والاعدام من غير ممانعة أصلا والتعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة إليها للاشعار بعلة الحكم وهذا الانقياد عند ارباب الحقائق محمول على ان لها حياة وإدراكا كسائر الحيوانات إذ ما من شىء إلا وله نصيب من تجلى الاسم الحي وقد سبق مرارا وَحُقَّتْ من قولهم هو محقوق بكذا وحقيق به اى جعلت حقيقة بالاستماع والانقياد إذ هي مربوبة ومصنوعة له تعالى اى شأنها ذلك بالنسبة الى القدرة القاهرة الربانية التي يتأتى بها كل مقدور ولا يتخلف عنها امر من الأمور وبالفارسية وخود آنرا چنين سزد. فحق الجملة ان تكون اعتراضا مقررة لما قبلها لا معطوفة عليه وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ اى بسطت بازالة جبالها وآكامها عن مقارها وتسويتها بحيث صارت كالصحيفة الملساء او زيدت سعة وبسطة من أحد وعشرين جزأ الى تسعة وتسعين جزأ لوقوف الخلائق عليها للحساب والألم تسعهم من مده بمعنى امده اى زاده وفى الحديث إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس الا موضع قدميه يعنى لكثرة الخلائق فيها قوله مد الأديم لان الأديم إذا مد زال كل انثناء فيه واستوى وفى بعض الروايات مد الأديم العكاظي قال فى القاموس هو كغراب سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقدم هلاك ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعا كظون اى يتفاخرون ويتناشدون ومنه الأديم العكاظي

<<  <  ج: ص:  >  >>