للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق ثمة وفى فضائل القدس كان فى السلسلة التي فى وسط القبة على صخرة الله درة يتيمة وقرنا كبش ابراهيم وتاج كسرى معلقات فيها ايام عبد الملك بن مروان فلما صارت الخلافة الى بنى هاشم حولوا الى الكعبة حرسها الله انتهى يقول الفقير هذا يقتضى ان لا تأكل النار الكبش الذي جاء فداء لان بقاء القرن من موجبات ذلك وأكل النار القربان كان عادة الهية من لدن آدم الى زمان نبينا عليه السلام ثم رفع عن قربان هذه الامة اللهم الا ان يحمل على أحد وجوه. الاول ان معنى أكل النار القربان إحراقه بحيث يخرج عن الانتفاع به وهذا لا يوجب كون القرنين حريقين بالكلية. والثاني ان الذي كان يحرقه النار ليس جثة القربان بمجموعها من القرن الى القدم بل ثروبه وأطايب لحمه كما روى ان بنى إسرائيل كانوا إذا ذبحوا قربانا وضعوا ثروبه وأطايب لحمه فى موضع فيدعو النبي فتأتى نار فتأكله فلا يلزم ان يكون جميع اجزائه مأكولة محروقة. والثالث انه محمول على التمسح كما سبق فى قربان هابيل فان قلت قد صح ان عبد المطلب نذر ان يذبح ولدا ان سهل الله حفر بئر زمزم او بلغ بنوه عشرة فلما سهل الله فخرج السهم على عبد الله والد رسول الله منعه أخواله ففداه بمائة من الإبل ولذلك سنت الدية بمائة فقد روى انه فرق لحموم القرابين المذكورة الى الفقراء ولم تأكلها النار فكيف كان سنة الهية بين جميع الملل قلت المتقرب ان كان جاهليا فلا شك ان قربانه غير معتدبه وان كان اسلاميا فلابد ان يكون فى محضر نبى من الأنبياء إذ هو الذي يدعو فتأتى النار كما لا يخفى على من له حظ او فى من علم التفسير والتأويل) وذهب (الى الثاني بعض ارباب الحقائق والتوفيق بين الروايتين عند التحقيق ان صورة الذبح جرى فى الظاهر الى حقيقة إسماعيل اولا ثم سرى ثانيا الى حقيقة إسحاق لتحققه ايضا بمقام الإرث الابراهيمى من التسليم والتفويض والانقياد الذي ظهر فى صورة الكبش ولهذا السر اشتركا فى البشارة الالهية (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) فكان إسماعيل وإسحاق مختلفين فى الصورة والتشخص متفقين فى المعنى والحقيقة فان شئت قلت ان الذبيح هو إسماعيل وان شئت قلت انه إسحاق فانت مصيب فى كل من القولين فى الحقيقة لما عرفت ان أحدهما عين الآخر فى التحقق بسر ابراهيم عليه وعليهما السلام الى يوم القيام وَتَرَكْنا عَلَيْهِ اى أبقينا على ابراهيم فِي الْآخِرِينَ من الأمم سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ اى هذا الكلام بعينه كما سبق فى قصة نوح كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الكاف متعلقة بما بعدها وذلك اشارة الى ابقاء ذكره الجميل فيما بين الأمم لا الى ما أشير اليه فيما سبق فلا تكرار اى مثل ذلك الجزاء الكامل نجزى المحسنين لا جزاء ادنى منه يعنى ان ابراهيم من المحسنين وما فعلناه به مما ذكر مجازاة له على إحسانه إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ الراسخين فى الايمان على وجه الإيقان والاطمئنان وفى التأويلات النجمية اى من عبادنا المخلصين لا من عباد الدنيا والهوى والسوي وَبَشَّرْناهُ اى ابراهيم: والتبشير بالفارسية [مژده دادن] وهو الاخبار بما يظهر سرورا فى المخبر به ومنه تباشير الصبح لما ظهر من أوائل ضوئه بِإِسْحاقَ من سارة رضى الله عنها نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ اى مقضيا بنبوته مقدرا كونه من الصالحين

<<  <  ج: ص:  >  >>