شىء بالمعنى لا بالصورة إذ فضل الصورة تابع لفضل المعنى بخلاف البدنة فان المقصود الأعظم منها الركوب وحملّ الأثقال عليها قيل كان ذلك كبشا من الجنة وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه الكبش الذي قربه هابيل فتقبل منه وكان يرعى فى الجنة حتى فدى به إسماعيل وحينئذ تكون النار التي نزلت فى زمن هابيل لم تأكله بل رفعته الى السماء وحينئذ يكون قول بعضهم فنزلت النار فاكلته محمولا على التسمح كما فى انسان العيون. ويحتمل ان تتجسم الروح كما تتجسم المعاني وتبقى ابدا فلا ينافى ان تأكله النار فى زمن هابيل ان يذبحه ابراهيم ثانيا وروى انه هرب من ابراهيم عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى اخذه فبقى سنة فى الرمي وروى انه رمى الشيطان حين تعرض له بالوسوسة عند ذبح ولده كما سبق وروى انه لما ذبحه قال جبريل «الله اكبر الله اكبر» فقال الذبيح «لا اله الا
الله والله اكبر» فقال ابراهيم «الله اكبر ولله الحمد» فبقى سنة واعلم ان الذبح ثلاثة وهو ذبح هابيل ثم ذبح ابراهيم ثم ذبح الموت فى صورة الكبش. وكذا الفداء فانه فداء إسماعيل بكبش هابيل وفداء المؤمنين يوم القيامة يفدى عن كل مؤمن بكافر يأخذ المؤمن بناصيته فيلقيه فى النار وفداء الله عن الحياة الابدية بالموت يذبح فى صورة الكبش على الصراط فيلقى به فى النار بشارة لاهل الجنة بالخلود الدائم وتبكيتا لاهل النار بالعقوبة الدائمة ففيه اشارة الى مراتب التوحيد فذبح هابيل اشارة الى توحيد الافعال وذبح يحيى الى توحيد الصفات وذبح ابراهيم الى توحيد الذات لانه مظهر توحيد الذات والفناء الكلى فى ذات الله تعالى فذبحه أعظم من كل ذبح وفداؤه أتم من كل فداء قالوا ان الدم إذا تعين على الحاج فلا يسقط عمن تعين عليه ولما تعين ذبح ولد ابراهيم لم يسقط عنه الدم أصلا ففداه الله تعالى بكبش عظيم حيث جعله بدل إفساد نبى مكرم فحصل الدم وبعد ان وجب فلا يرتفع ولذا من نذر بذبح ولده لزمه شاة عند الحنفية فصارت صورة ولد ابراهيم صورة الكبش يساق الى الجنة يدخل فيها فى أي صورة شاء فذبحت صورة الكبش ولبست صورة ولد ابراهيم صورة الكبش وهذا سبب العقيقة التي كل انسان مرهون بعقيقته ولو لم يفد الله بالكبش لصار ذبح الناس واحدا من أبنائهم سنة الى يوم القيامة وتحقيق المقام انه كان كبش ظهر فى صورة ابن ابراهيم فى المنام لمناسبة واقعة بينهما وهى الاستسلام والانقياد فكان مراد الله الكبش لا ابن ابراهيم فما كان ذلك المرئي عند الله الا الذبح العظيم متمثلا فى صورة ولده ففدى الحق ولده بالذبح العظيم وهذا كما ان العلم يرى فى صورة اللبن فليس ما يرى فى حضرة الخيال عين اللبن وحقيقته فلو تجاوز ابراهيم عليه السلام عما رآه فى حضرة الخيال الى المعنى المقصود منه بان يعبر ذبح ابنه فى منامه بذبح الكبش الذي فى صورته لما ظهر لاهل الآفاق كمال فنائه وتمام استسلامه وكذلك انقياد ابنه لكن الله سبحانه أراد اراءة استسلامهما واظهار انقيادهما لامره تعالى فاخفى عليه تعبير رؤياه وستر المقصود من المنام حتى صدق الرؤيا وفعل ما فعل لتلك الحكمة العلية) واختلف (فى ان الذبيح إسماعيل او إسحاق فذهب اكثر المفسرين الى الاول لوجوده ذكرت فى التفاسير ولان قرنى الكبش كانا معلقين بالكعبة الى ان احترق البيت واحترق القرنان فى ايام ابن الزبير والحجاج ولم يكن