للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السمرقندي العامل فى إذا المفاجأة معنى المفاجأة وهو عامل لا يظهر استغنى عن إظهاره بقوة ما فيها من الدلالة عليه ولا يقع بعدها الا الجملة المركبة من المبتدأ والخبر وهو فى المعنى فاعل لان معنى (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) فاجأه خصومة بينة كما ان معنى قوله (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) فاجأهم قنوطهم او مفعول اى فاجأ الخصومة وفاجأوا القنوط يعنى خاصم خالقه مخاصمة ظاهرة وقنطوا من الرحمة وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا عطف على الجملة الفجائية اى ففاجأ خصومتنا وضرب لنا مثلا اى أورد فى شأننا قصة عجيبة فى نفس الأمر وهى فى الغرابة والبعد عن العقول كالمثل وهى انكار احيائنا العظام ونفى قدرتنا عليه قال ابن الشيخ المثل يستعار للامر العجيب تشبيها له فى الغرابة بالمثل العرفي الذي هو القول السائر ولا شك ان نفى قدرة الله على البعث مع انه من جملة الممكنات وانه تعالى على كل شىء قدير من اعجب العجائب وَنَسِيَ خَلْقَهُ عطف على ضرب داخل فى حيز الإنكار والتعجيب والمصدر مضاف الى المفعول اى خلقنا إياه من النطفة اى ترك التفكر فى بدء خلقه ليدله ذلك على قدرته على البعث فانه لا فرق بينهما من حيث ان كلا منهما احياء موات وجماد وقال البقلى فى خلق الإنسان والوجوه الحسان من علامات قدرته اكثر مما يكون فى الكون لان الكونين والعالمين فى الإنسان مجموعون وفيه علمه معلوم لو عرف نفسه فقد عرف ربه لان الخليقة مرآة الحقيقة تجلت الحقيقة فى الخليقة لاهل المعرفة ورب قلب ميت أحياه بجمالته بعد موته بجهالته قالَ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن حكاية ضرب المثل كأنه قيل أي مثل ضرب او ماذا قال فقيل قال مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ منكرا له أشد النكير مؤكدا له بقوله وَهِيَ رَمِيمٌ اى بالية أشد البلى بعيدة من الحياة غاية البعد حيث لا جلد عليها ولا لحم ولا عروق ولا اعصاب يقال رمّ العظم يرم رمة بكسر الراء فيهما اى بلى فهو رميم وعدم تأنيث الرميم مع وقوعه خبرا للمؤنثة لانه اسم لما بلى من العظام غير صفة كالرفات وقد تمسك بظاهر الآية الكريمة من اثبت للعظم حياة وبنى عليه الحكم بنجاسة عظم الميت وهو الشافعي ومالك واحمد واما أصحابنا الحنفية فلا يقولون بنجاسته كالشعر ويقولون المراد بإحياء العظام ردها الى ما كانت عليه من الغضاضة والرطوبة فى بدن حى حساس واختلفوا فى الآدمي هل يتنجس بالموت تقال ابو حنيفة يتنجس لانه دموى الا انه يطهر بالغسل كرامة له وتكره الصلاة عليه فى المسجد وقال الشافعي واحمد لا يتنجس به ولا تكره الصلاة عليه فيه وعن مالك خلاف والأظهر الطهارة واما الصلاة عليه فى المسجد فالمشهور من مذهبه كراهتها كقول ابى حنيفة قُلْ يا محمد تبكيتا لذلك الإنسان المنكر بتذكير ما نسيه من فطرة الدالة على حقيقة الحال وإرشاده الطريقة للاشتشهاد بها يُحْيِيهَا اى تلك العظام الَّذِي أَنْشَأَها أوجدها أَوَّلَ مَرَّةٍ اى فى أول مرة ولم تكن شيأ فان قدرته كما هى لاستحالة التغير فيها والمادة على حالها فى القابلية اللازمة لذاتها وهو من النصوص القاطعة الناطقة بحشر الأجساد استدلالا بالابتداء على الاعادة وفيه رد على من لم يقل به وتكذيب له وَهُوَ اى الله المنشئ بِكُلِّ خَلْقٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>