أنت عبدى حقا ولك عندى ان لا احجب عنك ما تريد فقلت أريد ان تشفعنى فى القرن الذي انا فيه قال شفعتك فيه ثم انه صافحنى فاستيقظت بعد المصافحة فلم ار أحدا الا ويقول لى يا ابراهيم لقد از عجت الناس من طيب رائحة يدك قال بعض المحدثين ولم تزل رائحة الطيب تخرج من يد ابراهيم حتى قضى نحبه رحمه الله رحمة واسعة وَكَذلِكَ اى كما جعلنا لك عدوا كأبى جهل وغيره من كفار قريش جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ قبلك عَدُوًّا وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ان عداوتهم وما يبتنى عليها مما لا خير فيه من الأقاويل الكاذبة والأفاعيل الباطلة ليس مختصا به عليه السلام بل كما ابتلى هو وأمته بكيد الأعداء ابتلى جميع الأنبياء وأممهم شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ اى مردة الفريقين على ان الاضافة بمعنى من البيانية وهو بدل من عدوا. والشياطين جمع شيطان وهو يطلق على كل عات متمرد من الانس والجن والشيطان من الجن إذا اعياه المؤمن وعجز عن اغوائه ذهب الى متمرد من الانس فاغراه على المؤمن ليفتنه وعن مالك بن دينار انه قال شياطين الانس أشد علىّ من شياطين الجن وذلك انى ان تعوذت بالله من شياطين الجن ذهبت عنى وشياطين الانس تجيئنى فتجرنى الى المعاصي عيانا يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ كلام مستأنف مسوق لبيان احكام عداوتهم وتحقيق وجه الشبه بين المشبه والمشبه به. والوحى الكلام الخفي والقول السريع الذي يلقى سرا اى يلقى يوسوس شياطين الجن والانس او بعض الجن الى بعض وبعض الانس الى بعض زُخْرُفَ الْقَوْلِ اى المموه منه المزين ظاهره والباطل باطنه يقال فلان زخرف كلامه إذا زينه بالكذب والباطل غُرُوراً مفعول له ليوحى اى ليغرّوهم وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ عدم ما ذكر من العداوة والإيحاء ما فَعَلُوهُ اى ما ذكر فاعيد ضمير الواحد الى الاثنين باعتباره فَذَرْهُمْ اى إذا كان ما فعلوه فى حقك بمشيئته تعالى فاتركهم وَما يَفْتَرُونَ وافتراءهم اى كفرهم وسائر مكائدهم فان لهم فى ذلك عقوبات شديدة ولك عواقب حميدة لابتناء مشيئته تعالى على الحكم البالغة البتة وَلِتَصْغى إِلَيْهِ الى زخرف القول علة اخرى للايحاء معطوفة على غرورا وانما لم ينصب لفقد شرطه إذ الغرور فعل الموحى وإصغاء الافئدة فعل الموحى اليه اى يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول ليغروهم به ولتميل اليه أَفْئِدَةُ قلوب الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ واما المؤمنون بها فلا يتصور منهم الميل الى تلك المزخرفات لعلمهم ببطلانها ووخامة عاقبتها وَلِيَرْضَوْهُ لانفسهم بعد ما مالت اليه افئدتهم وَلِيَقْتَرِفُوا اى يكتسبوا بموجب ارتضائهم له ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ له من القبائح التي لا يليق ذكرها وهى ما قضى عليهم فى اللوح المحفوظ يقال اقترب فلان ذنبا إذا عمله ومالا إذا اكتسبه وفى الآية اشارة الى ان البلايا للسائرين الى الله هى المطايا وان أشد البلاء شماتة الأعداء فلما كانت رتبة الأنبياء أعلى كانت عداوة الكفار لهم اوفى وفى ذلك ترقيات لهم وتجليات: قال الحافظ
چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ... ببوى آنكه دكر نو بهار باز آيد
والاشارة فى شطان الانس الى النفس الامارة بالسوء وهى أعدى الأعداء ولهذا قدم