للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرورة وكان صلى الله عليه وسلم يحميه قبيلته كأبى طالب فانه كان يتعصب للنبى ويذب عنه دائما وانما اضطر الى الهجرة بعد وفاته- روى- ان لوطا اغلق بابه دون أضيافه حين جاؤا وأخذ يحاولهم من وراء الباب فتسوروا الجدار فلما رأت الملائكة ما بلوط من الكرب قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بضرر ولا مكروه ولن يخزوك فينا وان ركنك شديد فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبرائيل ربه تعالى فى عقوبتهم فاذن له فقام فى الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم كما قال تعالى فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فصاروا لا يعرفون الطريق فخرجوا وهم يقولون النجاء النجاء فان فى بيت لوط سحرة وهددوا لوطا وقالوا مكانك حتى نصبح فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ الاسراء بالفارسية [رفتن بشب] وهو لازم ومتعد وكذا السرى فان معناه [رفتن بشب] والمصدر على فعل خص به المعتل كما فى التهذيب والمعنى كما قال الكاشفى [ببركسان خود را] بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ القطع فى آخر الليل وقال ابن عباس بطائفة من الليل والمعنى [بپاره از شب يعنى بعد از كذشتن برخى از شب] فالباء فى باهلك للتعدية ويجوز ان تكون للحال اى مصاحبابهم وفى قوله بقطع للحال اى مصاحبين بقطع على ان المراد به ظلمة الليل وقيل الباء فيه بمعنى فى اى اخرجوا ليلا لتستبقوا نزول العذاب الذي موعده الصبح وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ منك ومن أهلك اى لا يتخلف ولا ينصرف عن امتثال المأمور به او لا ينظر الى ورائه فالظاهر على هذا انه كان لهم فى البلد اموال وأقمشة وأصدقاء فالملائكة امروهم بان يخرجوا ويتركوا تلك الأشياء ويقطعوا تعلق قلوبهم كما قال فى التأويلات النجمية وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ الى ما هم فيه من الدنيا وزينتها ومتاعها أراد به تجرد الباطن عن الدنيا وما فيها فان النجاة من العذاب والهلاك منوط به انتهى وفى الحديث (اللهم امض لاصحابى هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم) اى انفذها وتممهالهم ولا تمسهم فى بلدة هاجروا منها لئلا ينتقض الثواب بالركون الى الوطن قال ابو الليث فى تفسيره جمع لوط اهله وابنتيه ريثا ورعورا فحمل جبريل لوطا وبناته وماله على جناحه الى مدينة زغر وهى احدى مدائن لوط وهى خمس مدائن وهى على اربع فراسخ من سدوم ولم يكونوا على مثل عملهم انتهى ويخالفه الأمر بالاسراء كما لا يخفى وقال فى بحر العلوم وانما نهوا عن الالتفات لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم ويجوز ان يكون النهى عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التوقف لان من يلتفت الى ما وراءه لا بدله من ادنى وقفة إِلَّا امْرَأَتَكَ استثناء من قوله تعالى فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِنَّهُ اى الشان مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ من العذاب

با بدان يار كشت همسر لوط ... خاندان نبوتش كم شد

يعنى وقعت اهل بيت نبوته فى الضلالة فهلكت والمراد امرأته فانها مع تشرفها بالاضافة الى بيت النبوة لما اتصلت باهل الضلالة صارت ضالة وادّى ضلالها وكفرها الى الهلاك معهم ففيه تنبيه على ان لصحبة الأغيار ضررا عظيما إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ اى موعد عذابهم وهلاكهم وهو تعليل للامر بالاسراء والنهى عن الالتفات المشعر بالحث على الاسراع كما فى الإرشاد- وروى-

<<  <  ج: ص:  >  >>