فعلى الصالحين ان يعتبروا بأحوال الطالحين فانهم قد أخذوا الدنيا وآثروها على الآخرة ثم سلبهم الله أموالهم وديارهم كأن لم ينتفعوا بشئ ولم يقيموا فى دار وعن جابر بن عبد الله انه قال شهدت مجلسا من مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل ابيض الوجه حسن الشعر واللون عليه ثياب بيض فقال السلام عليك يا رسول الله فقال عليه السلام (عليك السلام) فقال يا رسول الله ما الدنيا قال (هى حلم المنام وأهلها مجازون ومعاقبون) قال يا رسول الله وما الآخرة قال (عيش الابد فريق فى الجنة وفريق فى السعير) فقال يا رسول الله فما الجنة قال (بذل الدنيا لطالبها نعيمها لاهلها ابدا) قال فما جهنم قال (بذل الآخرة لطالبها لا يفارقها أهلها ابدا) قال فما خير هذه الامة قال (الذي يعمل بطاعة الله) قال فكيف يكون الرجل فيها قال (مشمرا كطالب القافلة) قال فكم القرار بها قال (كقدر المتخلف عن القافلة) قال فكم ما بين الدنيا والآخرة قال (غمضة عين) قال فذهب الرجل فلم ير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا جبريل أتاكم ليزهدكم فى الدنيا ويرغبكم فى الآخرة) كذا فى تنبيه الغافلين: قال السعدي قدس سره
يكى بر سر كور كل ميسرشت ... كه حاصل كند زان كل كور خشت
بانديشه لختى فرو رفت پير ... كه اى نفس كوته نظر پند كير
چهـ بندى درين خشت زرين دلت ... كه يك روز خشتى كند از كلت
تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد پايمال
دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست با كس كه دل بر نكند
بر مرد هشيار دنيا خسست ... كه هر مدتى جاى ديگر كسست
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا اى وبالله لقد أرسلنا مُوسى حال كونه ملتبسا بِآياتِنا التسع التي هى العصا واليد البيضاء والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ونقص الأموال والأنفس وَسُلْطانٍ برهان مُبِينٍ واضح هو من قبيل عطف الصفة مع اتحاد الموصوف اى ولقد أرسلنا موسى بالجامع بين كونه آياتنا وبين كونه سلطانا له على صدق نبوته واضحا فى نفسه او موضحا إياها فان ابان جاء لازما ومتعديا كقوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والفرقان اى التوراة الجامعة بين كونها كتابا وحجة تفرق بين الحق والباطل ويجوز ان يراد بسلطان مبين الغلبة والاستيلاء كقوله تعالى وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ اى اشراف قومه ورؤسائه. وتخصيص ملئه بالذكر مع عموم رسالته لقومه كافة لاصالتهم فى الرأى وتدابير الأمور واتباع غيرهم لهم فى الورود والصدور فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ اى امره بالكفر بما جاء به موسى من البينات وأطاعوا قوله حين قال لهم ما علمت لكم من اله غيرى وخالفوا امر موسى بالتوحيد وقبول الحق وانما لم يصرح بكفر فرعون بآيات الله للايذان بوضوح حاله فكان كفره وامر ملئه بذلك محقق الوجود غير محتاج الى الذكر صريحا وانما المحتاج الى ذلك شأن ملئه المترددين بين هاد الى الحق وداع الى الضلال وإيراد الفاء للاشعار