وإبليس بالسجود له عجل إبليس بالاباء لاظهار العداوة والسعى فى هلاكه على ما عزم عليه اولا ولم يتأن وينظر فى امره. واما التأنى فمن أوصاف الرحمن ولذا خلق السموات والأرض فى ستة ايام وان كان قادرا على ان يخلقها فى مقدار طرفة عين فعلى العاقل العمل بالتأنى والأفضل والجهاد الى آخر العمر وحلول الاجل كيلا يكون من المتخلفين قال شقيق ان الله تعالى اظهر هذا الدين وجعل عزه فى الجهاد فمن أخذ منه حظه فى زمانه كان كمن شاهده كله وشارك من مضى قبله من الغزاة ومن تبطأ عنه فى زمانه فقد شارك المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اثمهم وعارهم والتبطؤ والتخلف انما هو من الكسل الطبيعي البدني ومن كان له حظ روحانى يجد فى نفسه المسارعة الى الخيرات: وفى المثنوى
هر كرانى وكسل خود از تنست ... جان ز خفت جمله در پريدنست
اللهم اعصمنا من الكسل فى باب الدين وأعنا انك أنت المعين لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فى أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وان الخلص منهم يبادرون اليه من غير توقف على الاذن فضلا عن ان يستأذنوك فى التخلف وحيث استأذنك هؤلاء فى التخلف كان مظنة للتأنى فى أمرهم بل دليلا على نفاقهم وعلة عدم الاستئذان الايمان كما ان علة الاستئذان عدم الايمان بناء على قاعدة ان تعليق الحكم بالوصف يشعر بعلية الوصف له وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ شهادة لهم بالانتظام فى زمرة المتقين وعدة لهم باجزال الثواب واشعار بان ما صدر عنهم معلل بالتقوى إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ فى التخلف الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قال فى التبيان كان الاستئذان فى ذلك الوقت علامة النفاق قيل كانوا تسعة وثلاثين رجلا وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ عطف على الصلة والماضي للدلالة على تحقق الريب والريب شك مع اضطراب القلب ودل على ان الشاك المرتاب غير مؤمن فَهُمْ حال كونهم فِي رَيْبِهِمْ وشكهم المستقر فى قلوبهم يَتَرَدَّدُونَ اى يتحيرون فان التردد [ديدن المتحير] كما ان الثبات [ديدن المستبصر] وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ يدل على ان بعضهم قالوا عند الاعتذار كنا نريد الخروج لكن لم نتهيأ له وقد قرب الرحيل بحيث لا يمكننا فكذبهم الله وقال لو أرادوا الخروج معك الى العدو فى غزوة تبوك لَأَعَدُّوا لَهُ اى للخروج فى وقته عُدَّةً اى اهبة من الزاد والراحلة والسلاح وغير ذلك مما لا بد منه للسفر وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ ولكن ما أرادوه لما انه تعالى كره نهوضهم للخروج لما فيه من المفاسد الآتية. والانبعاث [برانگيخته شدن] كما فى التاج فلكن للاستدراك من المقدم وفى حواشى سعدى چلبى الظاهر ان لكن هاهنا للتأكيد انتهى فَثَبَّطَهُمْ اى حبسهم بالجبن والكسل فتثبطوا عنه ولم يستعدوا له والتثبيط صرف الإنسان عن الفعل الذي يهم به وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ الذين شأنهم القعود وملازمة البيوت وهم الزمنى والمرضى والعميان والنساء والصبيان ففيه ذم لهم وظاهره يخالف قوله تعالى انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فلذا حملوه على التمثيل بان يشبه إلقاء الله تعالى فى قلوبهم كراهة الخروج بامر آمر أمرهم بالقعود ثم بين سر كراهته تعالى لانبعاثهم فقال لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ [در ميان شما] اى مخالطين لكم ما زادُوكُمْ اى ما اورثوكم شيأ من الأشياء