رسول الله الى ان بعثه الله للنبوة فقام بنصره مدة مديدة ثم توفى ابو طالب فنال المشركون منه عليه السلام ما لم ينالوا فى زمان ابى طالب اى آذوه وكان عليه السلام يقول كنت يتيما فى الصغر وغريبا فى الكبر وكان يحب الأيتام ويحسن إليهم وفى الحديث من ضم يتيما وكان فى نفقته وكفاه مؤونته كان له حجابا من النار ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة وانما جعله الله يتيما لئلا يسبق على قلب بشر ان الذي نال من العز والشرف والاستيلاء كان عن تظاهر نسب او توارث مال او نحو ذلك وفى التأويلات النجمية الم يجدك يتيما اى رآك يتيما فآواك الى صدف النبوة ومشكاة الولاية.
بس كه غواص قدم در تك درياى عدم ... غوطه زد تا بكف آورد چنين در يتيم
يا ديد ترا كوهرى يكانه كه بكمال قابليت از همه كائنات منفرد بودى وبقطع علاقة نسبت از ما سوى متوحد ترا متمكن ساخته در حضرت احديت جمع كه مقام خاص تست. وفى الكشاف ومن بديع التفاسير أنه من قولهم درة يتيمة وان المعنى الم يجدك واحدا فى قريش عديم النظير اى فى العز والشرف فآواك فى دار أعدائك فكنت بين القوم معصوما محروسا وَوَجَدَكَ ضَالًّا معنى الضلال فقدان الشرائع والخلو عن الاحكام التي لا يهتدى إليها العقول بل طريقها السماع كما فى قوله تعالى ما كنت تدرى ما الكتاب يعنى راه نيافته بودى باحكام وشرائع.
واليه يؤول معنى الغيبوبة فان ضل يجيئ بمعنى غاب كما فى قوله شربت الإثم حتى ضل عقلى.
اى شربت الخمر حتى غاب عقلى وغلب قال الراغب يقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان او سهوا يسيرا كان او كثيرا ولذا نسب الضلال الى الأنبياء والى الكفار وان كان بين الضلالين بون بعيد ألا ترى أنه قال فى النبي عليه السلام ووجدك ضالا فهدى اى غير مهتد لما سبق إليك من النبوة وقال فعلتها إذا وانا من الضالين وقال ان أبانا لفى ضلال مبين تنبيها على ان ذلك منهم سهو انتهى هذا واحذر عن الاساءة فى العبارة فَهَدى اى فهداك الى مناهج الشرائع فى تضاعيف ما اوحى إليك من الكتاب المبين وعلمك ما لم تكن تعلم قدم هذا الامتنان على الأخير لان ابتداءه بعد زمان اليتم وقت التكليف فانه عليه السلام كان موفقا للنظر الصحيح حينئذ ولهذا لم يعبد صنما قط ولم يأت بفاحشة وفى الاسئلة المقحمة معناه ووجدك بين ضالين فهداهم بك فعلى هذا يكون الضلال صفة قومه يقال رجل ضعيف إذا ضعف قومه وفى التأويلات النجمية اى متحيرا فى تيه الالوهية فهدى الى كمال المعرفة بالصحو بعد المحو والسكر والضلال الحيرة كما قال انك لفى ضلالك القديم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي عليه السلام ضل فى شعاب مكة حال صباه وكان عبد المطلب يطلبه ويقول متعلقا بأستار الكعبة
يا رب فاردد ولدي محمدا ... ردا الى واصطنع عندى يدا
فوجده ابو جهل فرده الى عبد المطلب فمن الله عليه حيث خلصه على يدى عدوه فكان فى ذلك نظير موسى عليه السلام حين التقط فرعون تابوته ليكون له عدوا وحزنا وقيل