للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ اى يروى ويتعلم من الغير وليس هو من سحره بنفسه يقال اثرت الحديث آثره اثرا إذا حدثت به عن قوم فى آثارهم اى بعد ما ماتوا هذا هو الأصل ثم كان بمعنى الرواية عمن كان وحديث مأثور اى منقول ينقله خلف عن سلف وادعية مأثورة اى مروية عن الأكابر وفى تعلم السحر لحكمة رخصة واعتقاد حقيته والعمل به كفر كما قيل (عرفت الشر لا للشر لكنى لتوقيه. ومن لم يعرف الشر من الناس يقع فيه) وقد سبق معناه وما يتعلق به فى مواضعه إِنْ هذا ما هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ تأكيد لما قبله ولذا اخلى عن العاطف قاله تمردا وعنادا لا على سبيل الاعتقاد لما روى قبل انه أقر بأن القرآن ليس من كلام الانس والجن وأراد بالبشر يسارا وجبرا وأبا فكيهة اما الأولان فكانا عبدين من بلاد فارس وكانا بمكة وكان النبي عليه السلام يجلس عندهما واما أبو فكيهة فكان غلاما روميا يتردد الى مكة من طرف مسيلمة الكذاب فى اليمامة سَأُصْلِيهِ سَقَرَ اى ادخله جهنم لما قال فى الصحاح سقر اسم من اسماء النار وقال ابن عباس رضى الله عنهما اسم للطبقة السادسة من جهنم يقال سقرته الشمس إذا آذته وآلمته وسميت سقر لايلامها قوله سأصليه سقر بدل من سارهقه صعود أبدل الاشتمال سوآء جعل مثلا لما يلقى من الشدائد أو اسم جبل من نار لان سقر تشتمل على كل منهما وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ ما الاولى مبتدأ وادراك خبره وما الثانية خبر لقوله سقر لانها المفيدة لما قصد افادته من التهويل والتفظيع دون العكس كما سبق فى الحاقة والمعنى اى شىء أعلمك ما سقر فى وصفها يعنى انه خارج عن دائرة ادراك العقول ففيه تعظيم لشأنه لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ بيان لوصفها وحالها وانجاز للوعد الضمنى الذي يلوح به وما ادراك ما سقر أي لا تبقى شيأ يلقى فيها الا أهلكته بالإحراق وإذا هلك لم تذره هالكا حتى يعاد خلقا جديدا وتهلكه إهلاكا ثانيا وهكذا كما قال تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها اولا تبقى على شىء اى لا تترحم عليه ولا تدعه من الهلاك بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة لانها خلقت من غضب الجبار قال فى تهذيب المصادر الإبقاء باقى كردن ونيز شفقت بردن. وقيل لا تبقى حيا ولا نذر ميتا كقوله تعالى ثم لا يموت فيها ولا يحيى لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ يقال لاحت النار الشيء إذا أحرقته وسودته ولاحه السفر او العطش اى غيره وذلك ان الشيء إذا كان فيه دسومة فاذا احرق اسود والبشر جمع بشرة وهى ظاهر جلد الإنسان اى مغيرة لأعلى الجلد وظواهره مسودة لها قيل تلفح الجلد لفسحة فتدعه أشد سوادا من الليل فان قلت لا يمكن وصفها بتسويد البشرة مع قوله لا تبقى ولا تذر قلت ليس فى الآية دلالة على انها تفنى بالكلية مع انه يجوز ان يكون الافناء بعد التسويد وقيل لامحة للناس على ان لواحة اسم فاعل من لاح يلوح اى ظهر وأن البشر بمعنى الناس قيل انها تلوح للبشر من مسيرة خمسمائة عام فهو كقوله تعالى ويرزت الجحيم لمن يرى فيصل الى الكافر سمومها وحرورها كما يصل الى المؤمن ريح الجنة ونسيمها من مسيرة خمسمائة عام عَلَيْها اى على سقر تِسْعَةَ عَشَرَ اى ملكا يتولون أمرها ويتسلطون على أهلها وهم مالك وثمانية عشر معه أعينهم كالبرق

<<  <  ج: ص:  >  >>