للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله القائل كذا يوم كذا وكذا وكذا وعد أيامه الخبيثة فنزلت الآية وأخذ جبرائيل عليه السلام بثوبه وقال لا تصلى على أحد منهم مات ابدا فاعرض عن الصلاة عليه وهذا يدل على منقبة عظيمة من مناقب عمر رضى الله عنه فان الوحى كان ينزل على وفق قوله فى آيات كثيرة منها هذه الآية وهو منصب عال ودرجة رفيعة له فى الدين فلذا قال عليه السلام فى حقه (لو لم ابعث لبعثت نبيا يا عمر) وقال (انه كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون فانه ان كان فى أمتي هذه فانه عمر بن الخطاب) رضى الله عنه. والمحدث بفتح الدلال المشددة هو الذي يلقى فى نفسه الشيء فيخبر به فراسة وهى الاصابة فى النظر ويكون كما قال وكأنه حدثه الملأ الأعلى وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء ولم يرد النبي عليه السلام بقوله ان كان فى أمتى التردد فى ذلك لان أمته أفضل الأمم وإذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل أراد به التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يراد به اختصاصه بكمال الصداقة لا نفى سائر الأصدقاء وقد قيل فى فضيلة عمر رضى الله عنه له فضائل لا تخفى على أحد الا على أحد لا يعرف القمرا كذا فى شرح المشارق لابن ملك فان قيل كيف يجوز ان يقال انه عليه السلام رغب فى ان يصلى عليه بعد ان علم انه كافر مات على الكفر وان صلاته عليه دعاء له بالمغفرة وقد منعه الله من ان يستغفر للمشركين واعلمه انه لا يغفر للكفار وايضا الصلاة عليه ودفع قميصه اليه توجب إعزازه وهو مأمور باهانة الكفار فالجواب ان الخبيث لما طلب منه ان يرسل اليه قميصه الذي يمس جلده الشريف ليدفن فيه غلب على ظنه انه قد تاب عن نفاقه وآمن لان ذلك الوقت وقت توبة الفاجر وايمان الكافر فلما رأى منه اظهار الإسلام وشاهد منه هذه الأمارات الدالة على إسلامه غلب على ظنه انه صار مسلما فرغب فى ان يصلى عليه فلما أتى جبريل وأخبره بانه مات على كفره ونفاقه امتنع من الصلاة عليه. وقيل نزلت الآية بعد ما صلى ولبث يسيرا فما صلى بعد ذلك على منافق ولا قام على قبره واما دفع القميص اليه فذكروا فيه وجوها منها ان العباس عم النبي عليه السلام لما أخذ أسيرا يوم بدر ولم يجدوا له قميصا يساوى قده وكان رجلا طويلا كساه عبد الله قميصه فهو عليه السلام انما دفع اليه قميصه مكافاة لاحسانه ذلك لا إعزازا له ومنها انه تعالى امره ان لا يرد سائلا حيث قال وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ فالضنة بالقميص وعدم إرساله سيما وقد سئل فيه مخل بالكرم ومنها انه لعله اوحى اليه انك ان دفعت اليه قميصك صار ذلك حاملا لدخول الف نفر من المنافقين فى الإسلام ففعل ذلك بناء عليه والله اعلم بحقيقة الحال وما علينا الا القبول وطى المقال وهو الهادي الى طريق التحقيق وَلا تُعْجِبْكَ الاعجاب [شكفتى نمودن وخوش آمدن خطاب بآن حضرتست ومراد امت اند يعنى در عجب ندارد شما را] أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ الضمير للمنافقين قال الكاشفى [مالهاى منافقانى اگر چهـ بسيارست وفرزندان ايشان كه قوى وبا اقتدارند] وتقديم الأموال فى أمثال هذه المواقع على الأولاد مع كونهم أعز منها اما لعموم مساس الحاجة إليها بحسب

<<  <  ج: ص:  >  >>