اجزائه الى أصلها وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قلب ترابها وأخرج موتا ولا يخالف ما سيجيئ فى العاديات فان البعثرة تجيئ بمعنى الاستخراج ايضا اى كالقلب وفى تاج المصادر البعثرة شورانيدن وآشكارا كردن. ولذا قال بعضهم بالفارسية وآنگاه كه كورها زير وزبر كرده شود يعنى خاكها را بشورانند تا مدفونات وى از أموات وكنجها ظاهر كردد ومردكان زنده شوند. ونظيره بحثر لفظا ومعنى يقال بعثرت المتاع وبحثرته اى جعلت أسفله أعلاه وجعل أسفل القبور أعلاها انما هو بإخراج موتاها وقيل لسورة براءة المبعثرة لانها بعثرت اسرار المنافقين وهما اى بعثر وبحثر مركبان من البعث والبحث مع راء ضمت إليهما وقال الراغب من رأى تركيب الرباعي والخماسي نحو هلل وبسمل إذا قال لا اله الا الله وبسم الله يقول ان بعثر مركب من بعث واثير أي قلب ترابها وأثير ما فيها وهذا لا يبعد فى هذا الحرف فان البعثرة تتضمن معنى بعث وأثير وهذان من اشراط الساعة متعلقان بالسفليات فانه تعالى بعد تخريب السماء والكواكب يخرب كل ما على وجه الأرض بنفوذ بعض البحار فى بعض ثم يخرب نفس الأرض التي هى كالبناء بأن يقلبها ظهر البطن وبطنا لظهر وفيه اشارة الى خراب قبور التعينات وصيرورة المتعين مطلقا عن التعينات لان التعينات قبور الحقائق المطلقة والى قبور الأبدان فانها تخرج ما فيها من الأرواح والقوى بالموت عَلِمَتْ نَفْسٌ اى كل نفس برة كانت او فاجرة كما سبق فى السورة السابقة وفى فتح الرحمن نفس هنا اسم الجنس وافرادها ليبين لذهن السامع حقارتها وقلتها وضعفها عن منفعة ذاتها الا من رحم الله تعالى ما قَدَّمَتْ فى حياتها من عمل خير أو شر فان ما من ألفاظ العموم وَأَخَّرَتْ من سنة حسنة او سيئة يعمل بها بعده قال عليه السلام أيما داع دعا الى الهدى فاتبع فله مثل اجر من اتبعه الا انه لا ينقص من أجورهم شىء وأيما داع دعا الى الضلالة فاتبع فله مثل أوزار من اتبعه الا انه لا ينقص من أوزارهم شىء او ما قدم من معصية وما أخر من طاعة وفى التأويلات النجمية علمت نفس ما قدمت أخرجت من القوة الى الفعل بطريق الأعمال الحسنة او السيئة وما أخرت أبقت فى القوة بحسب النية قوله علمت إلخ جواب إذا اى إذا وقعت هذه الأشياء وخربت الدنيا علمت كل نفس إلخ لكن لا على انها تعلمه عند البعث بل عند نشر الصحف لما عرفت فى السورة السابقة من أن المراد بها زمان واحد مبدأه النفخة الاولى ومنتهاه الفصل بين الخلائق لا ازمنه متعددة حسب تعدد كلمة إذا وانما كررت لتهويل ما فى حيزها من الدواهي فالمراد العلم التفصيلي الذي يحصل عند قراءة الكتب والمحاسبة واما العلم الإجمالي فيحصل فى أول زمان البعث والحشر لان المطيع يرى آثار السعادة العاصي يرى آثار الشقاوة فى أول الأمر قال ابن الشيخ فى حواشيه العلم بجميع ذلك كناية عن المجازاة عليه والمقصود من الكلام الزجر عن المعصية والترغيب فى الطاعة يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ يعم جميع العصاة ولا خصوص له بالكفار لوقوعه بين المجمل ومفصله اى بين علمت نفس إلخ وبين ان الأبرار إلخ واما قوله بل تكذبون بالدين فمن قبيل بنوا فلان قتلوا