فوقعوا فى خوف عظيم من اهل الإسلام حتى تركوا سفر الشام والتردد اليه ثم أخذهم يوم بدر ما أخذهم من العذاب وفى الآية اشارة الى ان النفس الامارة بالسوء إذا كفرت فى قرية شخص الإنسان بنعم الطاعات والتوفيق واتبعت هواها وتمتعت بشهواتها ابتليت بانقطاع مبرة الحق وأكل جيفة الدنيا وميتة المستلذات وخوف العذاب بسوء صنيعها فلا بد للسالك ان يقتفى اثر رسول الخاطر الروحاني المؤيد بالإلهام الرباني ويترك الاقتداء بالنفس والشيطان فانهما يجران الى الأخلاق الذميمة المستتبعة للآثار القبيحة وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم لا تمام الأخلاق الحميدة على وفق الشريعة كما قال (بعثت لاتمم مكارم الأخلاق) والمكارم جمع مكرمة كالمصالح جمع مصلحة وإضافته الى الأخلاق من قبيل اضافة الصفة الى الموصوف اى بعثت لاتمم الأخلاق الكريمة والشيم الحسنة وذلك ان الأنبياء عليهم السلام كل واحد منهم مبعوث بسر وحكمة الهية راجعة الى تكميل البشر وتحسين اخلاقهم ونبينا عليه السلام مبعوث لتتميم تلك الأخلاق الكريمة وتكميلها على وجه التفصيل ولهذا جاء بشرع جامع لجميع جهات الحسن وهذا سر قوله (لا بنى بعدي) فمن ادعى نبيا بعده جهل بقدره وقدر علماء أمته كما لا يخفى فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ اى وإذ قد استبان لكم يا اهل مكة حال من كفر بانعم الله وكذب رسوله وما حل بهم بسبب ذلك من اللتيا والتي اولا وآخرا فانتهوا عما أنتم عليه من كفران النعم وتكذيب الرسول كيلا يحل بكم مثل ما أحل بهم واعرفوا حق نعم الله وأطيعوا رسوله فى امره ونهيه وكلوا من رزق الله من الحرث والانعام وغيرهما حال كونه حَلالًا طَيِّباً اى لذيذا تستطيبه النفوس وذروا ما تفترون من تحريم البحائر وتحوها فحلالا حال من ما رزقكم الله ويجوز ان يكون مفعول كلوا وفيه اشارة الى ان أنوار الشريعة واسرار الحقيقة رزق معنوى للعاسق الصادق وما قبلته الشريعة والحقيقة فهو حلال طيب وما ردته فهو حرام خبيث ولذا قيل
علم دين فقهست وتفسير وحديث ... هر كه خواند غير ازين كردد خبيث
اى العلم المقبول النافع هذه العلوم وما شهدت هى له بالقبول من الظواهر والبواطن وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ واعرفوا حقها ولا تقابلوها بالكفران والفناء فى المعنى داخلة على الأمر بالشكر وانما دخلت على الأمر بالأكل لكون الاكل ذريعة الى الشكر فكأنه قيل فاشكروا نعمة الله غب أكلها حلالا طيبا إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ اى تطيعون وتريدون رضاه ان تستحلوا ما أحل الله وتحرموا ما حرم الله إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ اى أكلها وهى ما لم تلحقه الذكاة. وبالفارسية [مردار] فاللحم القديد المجلوب الى الروم من افلاق حرام لانهم انما يضربون رأس البقر بالمقمعة ولا يذكون وَالدَّمَ المسفوح اى المصبوب من العروق واما المختلط باللحم فمعفو والاولى غسله وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ اى رفع الصوت للصنم به وذلك قول اهل الجاهلية باللات والعزى اى انما حرم هذه الأشياء دون ما تزعمون حرمته من البحائر والسوائب ونحوهما وتنحصر المحرمات فيها الا ما ضمنه إليها دليل كالسباع والحمر الاهلية- روى- انه عليه السلام نهى عن أكل ذى مخلب من