جزينا يوسف نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ كل من يحسن فى عمله وفى تعليق الجزاء المذكور بالمحسنين اشعار بعلية الإحسان له وتنبيه على انه سبحانه انما آتاه الحكم والعلم لكونه محسنا فى اعماله متقيا فى عنفوان امره هل جزاء الإحسان الا الإحسان قال بعض الأكابر نجزى المحسنين الذين يحسنون لانفسهم فى الطلب والارادة والاجتهاد والرياضة فمن ادخل نفسه فى زمرة اهل الإحسان جزاه الله بأحسن الجزاء وأحبه كما قال الله تعالى وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فمن أحبه الله نال سعادة الدارين وفى الحديث (إذا أحب الله العبد نادى جبريل ان الله يحب فلانا فاحبه فيحبه جبريل فينادى فى اهل السماء ان الله يحب فلانا فاحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول فى اهل الأرض) وفى التأويلات النجمية وَلَمَّا بَلَغَ يوسف القلب أَشُدَّهُ مبلغ كمالية استعداده لقبول فيض الالوهية آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً أفضنا عليه سجال الحكمة الإلهية والعلم اللدني وكما أفضنا على القلب ما هو مستحقه من الحكمة والعلم بفضلنا وَكرمنا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الأعضاء الرئيسة والجوارح إذا أحسنوا الأعمال والأخلاق على قاعدة الشريعة والطريقة خير الجزاء وهو التبليغ الى مقام الحقيقة انتهى ثم ان الجزاء ينبغى ان يكون مترتبا على انقضاء العمل فتارة يظهر بعد تمام الأعمال كلها وتارة يظهر لكل عمل منقض جزاء وهكذا الى الوصول الى غاية الاجزية فعلم تعبير رؤيا الملك وصاحبى السجن اوتى يوسف فى السجن وتمامه مع انضمام العلوم الكلية بعد انتهاء الابتلاء فافهم المقام وكن على بصيرة من ادراك دقائق الكلام وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ المراودة المطالبة من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شىء وهى مفاعلة من واحد لكن لما كان سبب هذا الفعل صادرا من الجانب المقابل لجانب فاعله فان مراودتها انما هى لجمال يوسف كمداواة الطبيب انما هى للمرض الذي هو من جانب المريض عبر عنه بالمسبب وجيئ بصيغة المفاعلة وتعديتها بعن لتضمنها معنى المخادعة. فالمعنى خادعت زليخا يوسف عن نفسه لتنال غرضها اى فعلت ما يفعل المخادع لصاحبه عن شىء لا يريد إخراجه عن يده وهو يحتال ان يأخذه منه وهى عبارة عن التمحل فى مواقعته إياها والمحل طلب بحيلة وتكلف كما فى القاموس وإيراد الموصول لتقرير المراودة فان كونه فى بيتها مما يدعو الى ذلك. قيل لواحدة ما حملك على ما أنت عليه مما لا خير فيه قالت قرب الوساد وطول السواد ولاظهار كمال نزاهته فان عدم ميله إليها مع دوام مشاهدته لمحاسنها وامتناعه منها مع كونه تحت مملكتها ينادى بكونه فى أعلى معارج العفة والنزاهة- حكى- ان زليخا كانت من أجمل النساء وكانت بنت سلطان المغرب واسمه طيموس فرأت ذات ليلة فى المنام غلاما على احسن ما يكون من الحسن والجمال فسألت عنه فقال انا عزيز مصر فلما استيقظت افتتنت بما رأت فى الرؤيا وادي ذلك الى تغير حالها ولكنها كتمت حالها عن الأغيار دهرا