وفى التأويل قال موسى للسحرة (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) بإتيان السحر فى معرض المعجزة ادعاء بان الله قد أعطانا مثل ما اعطى الأنبياء من المعجزة فَيُسْحِتَكُمْ فيهلككم ويستأصلكم بسببه: وبالفارسية [از بيخ بركند شما را] يقال اسحت الشيء أعدمه واستأصله بِعَذابٍ هائل لا يقادر قدره وَقَدْ خابَ الخيبة فوت المطلب اى [بي بهره ونااميد ماند] مَنِ افْتَرى اى على الله تعالى كائنا من كان باى وجه كان فَتَنازَعُوا اى السحرة حين سمعوا كلامه كأن ذلك غاظهم فتنازعوا أَمْرَهُمْ الذي أريد منهم من مغالبته عليه السلام وتشاوروا وتناظروا بَيْنَهُمْ فى كيفية المعارضة وتجاذبوا اهداب القول فى ذلك قال فى المفردات نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبربها عن المخاصمة والمجادلة وَأَسَرُّوا النَّجْوى وبالغوا فى إخفاء النجوى عن موسى لئلا يقف عليه فيدافعه: وبالفارسية [و پنهان داشتند از كفتن را] والنجوى السر وأصله المصدر وناجيته اى ساررته وأصله ارتحلوا به فى نجوة من الأرض اى مكان مرتفع منفصل بارتفاعه عما حوله وقيل أصله من النجاة وهو ان تعاونه على ما فيه خلاصه او ان تنجوا بسرك من ان يطلع عليه وكان نجواهم ما نطق به قوله تعالى قالُوا اى بطريق التناجي والاسرار إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ان مخففة واللام هى الفارقة بينها وبين النافية والمشار اليه موسى وهارون يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ اى من ارض مصر بالغلبة والاستيلاء عليها وهو خبر بعد خبر بِسِحْرِهِما الذي اظهراه من قبل وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى المثلى تأنيث الأمثل وهو الأشرف اى بمذهبكم الذي هو أفضل المذاهب وامثلها بإظهار مذهبهما وإعلاء دينهما يريدون ما كان عليه قوم فرعون لقوله إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ لا طريقة السحر فانهم ما كانوا يعتقدون دينا قال فى بحر العلوم سموا مذهبهم بها لزيادة سرورهم وكمال فرحهم بذلك وانه الذي تطمئن به نفوسهم كما قال تعالى كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال الامام الراغب الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب قال تعالى فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً ومنه استعير لكل مسلك يسلكه الإنسان فى فعل محمودا كان او مذموما قال تعالى وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى اى الأشبه بالفضيلة فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ الفاء فصيحة واجمعوا من الإجماع يقال اجمع الأمر إذا أحكمه وعزم عليه وحقيقته جمع رأيه عليه واجمع المسلمون كذا اجتمعت آراؤهم عليه قال الراغب اكثر ما يقال فيما يكون جمعا يتوصل اليه بالتدبير والفكرة. والمعنى إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين يريدان بكم ما ذكر من الإخراج والاذهاب فازمعوا مكركم وحيلكم فى رفع هذا المزاحم واجعلوه مجمعا عليه بحيث لا يتخلف عنه واحد منكم وارموا عن قوس واحدة. وقرئ فاجمعوا من الجمع ويعضده قوله تعالى فَجَمَعَ كَيْدَهُ اى فاجمعوا اداوات سحركم ورتبوها كما ينبغى ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا اى مصطفين فى الموعد ومجتمعين ليكون أشد لهيبتكم وانظم لامركم فجاؤا فى سبعين صفا كل صف الف والصف ان يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك وقد يجعل بمعنى الصاف قال فى الإرشاد لعل الموعد كان مكانا متسعا خاطبهم موسى بما ذكر فى قطر من اقطاره وتنازعوا أمرهم فى قطر آخر منه ثم أمروا بان يأتوا وسطه