لا المهاجرون مطلقا فان السورة مكية- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين نذهب قال (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) فهاجر إليها ناس ذو عدد قال بعضهم كانوا فوق ثمانين مخافة الفتنة فرارا الى الله تعالى بدينهم منهم من هاجر الى الله باهله كعثمان بن عفان رضى الله عنه هاجر ومعه زوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول خارج ومنهم من هاجر بنفسه وفى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب له الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليها السلام) لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم فِي الدُّنْيا حَسَنَةً اى مباءة حسنة وهى المدينة المنورة حيث آواهم أهلها ونصروهم. يقال بوأه منزلا أنزله والمباءة المنزل فهى منصوبة على الظرفية او على انها مفعول ثان ان كان لنبوئنهم فى معنى لنعطينهم وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ المعد لهم فى مقابلة الهجرة أَكْبَرُ مما يعجل لهم فى الدنيا فى المدارك الوقف لازم عليه لان جواب قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ محذوف والضمير للكفار اى لو علموا ان الله تعالى يجمع لهؤلاء المهاجرين خير الدارين لوافقوهم فى الدين ويجوز ان يعود الى المؤمنين المهاجرين فانهم لو علموا علم المشاهدة لازدادوا فى المجاهدة والصبر وأحبوا الموت وليس الخبر كالمعاينة الَّذِينَ اى المهاجرون هم الذين صَبَرُوا على مفارقة الوطن الذي هو حرم الله المحبوب فى كل قلب فكيف بقلوب قوم هو مسقط رؤسهم- روى- ان النبي صلى الله عليه وسلم لما توجه مهاجرا الى المدينة وقف ونظر الى مكة وبكى وقال (والله انى لا خرج منك وانى لا علم انك أحب بلاد الله الى الله تعالى وأكرمها على الله ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت) قال الهمام
مشتاب ساربان كه مرا پاى در كلست ... در كردنم ز حلقه زلفش سلاسلست
تعجيل ميكنى تو و پايم نمى رود ... بيرون شدن ز منزل اصحاب مشكلشت
چون عاقبت ز صحبت ياران بريد نيست ... پيوند با كسى نكند هر كه عاقلست
وكذا صبروا على مفارقة الأهل والشدائد من اذية الكفار وبذل الأرواح ونحو ذلك وَعَلى رَبِّهِمْ خاصة يَتَوَكَّلُونَ منقطعين اليه معرضين عما سواه مفوضين اليه الأمر كله والمعنى على المضي والتعبير بصيغة المضارع لاستحضار صورة توكلهم البديعة والاشارة وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ بالأبدان عما نهى الله عنه بالشريعة وهاجروا بالله بالقلوب عن الحظوظ الاخروية برعاية الطريقة وهاجروا الى الله بالأرواح عن مقامات القربة ورؤية الكرامات بجذبات الحقيقة بل هاجروا عن الوجود المجازى مستهلكا فى بحر الوجود الحقيقي حتى لم يبق لهم فى الوجود سوى الله من بعد ما ردوا الى أسفل السافلين لننزلنهم على اقرب القرب فى حال حياتهم ولا جر الآخرة اى بعد الخروج من الدنيا والخلاص من حبس أوصاف البشرية وتلوثها بها اكبر اى أعظم وأجل وأصفى وأهنى وامرى مما كان لهم من حسنات الدنيا لو كانوا