بالظاهر وبالحقيقة الحكم بالباطن وقد نص العلماء على ان غالب الأنبياء انما بعثوا ليحكموا بالظاهر دون ما اطلعوا عليه من بواطن الأمور وحقائقها وبعث الخضر ليحكم عليه من بواطن الأمور وحقائقها ومن ثمة أنكر موسى على الخضر فى قتله للغلام بقوله لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً فقال له الخضر وما فعلته عن امرى ومن ثمة قال الخضر لموسى انى على علم من عند الله لا ينبغى لك ان تعمل به لانك لست مأمورا بالعمل به وأنت على علم من عند الله لا ينبغى لى ان اعمل به لانى لست مأمورا بالعمل به وفى تفسير ابن حبان والجمهور على ان الخضر نبى وكان علمه معرفة بواطن امور أوحيت اليه اى ليعمل بها وعلم موسى الحكم بالظاهر اى دون الحكم بالباطن ونبينا صلى الله عليه وسلم حكم بالظاهر فى اغلب أحواله وحكم بالباطن فى بعضها بدليل قتله عليه السلام للسارق وللمصلى لما اطلع على باطن أمرهما وعلم منهما ما يوجب القتل وقد ذكر بعض السلف ان الخضر الى الآن ينفذ الحكم بالحقيقة وان الذين يموتون فجأة هو الذين يقتلهم فان صح ذلك فهو فى هذه الامة بطريق النيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فانه صار من اتباعه عليه السلام كما ان عيسى عليه السلام عند ما ينزل يحكم بشريعته نيابة عنه لانه من اتباعه. وفيه ان عيسى اجتمع به صلى الله عليه وسلم اجتماعا متعارفا ببيت المقدس فهو صحابى كذا فى انسان العيون يقول الفقير لا وجه لتخصيص عيسى فانه عليه السلام كما اجتمع به عليه السلام ذلك الاجتماع كذلك الخضر والياس عليهما السلام اجتمعا به اجتماعا متعارفا كما سبق فهما صحابيان ايضا. وفيه بيان شرف نبينا صلى الله عليه وسلم حيث ان هؤلاء الأنبياء الكرام استمهلوا من الله تعالى ليكونوا من أمته
سر خيل انبيا وسپهدار اتقيا ... سلطان باركاه دنى قائد امم
فَانْطَلَقا اى ذهبا بعد ما شرطا ذلك حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ هى انطاكية بالفتح والكسر وسكون النون وكسر الكاف وفتح الياء المخففة قاعدة العواصم وهى ذات أعين وسور عظيم من صخر داخله خمسة اجبل دورها اثنا عشر ميلا كما فى القاموس قال الكاشفى [واهل ديه چون شب شدى دروازه در بستندى وبراى هيچكس نكشادندى نماز شام موسى وخضر بدان ديه رسيدند وخواستند كه بديه در آيند كسى دروازه بگشود واهل ديه را كفتند اينجا غريب رسيده ايم كرسنه نيز هستيم چون ما را در ديه جاى نداديد بارى طعام جهت ما بفرستيد] وذلك قوله تعالى اسْتَطْعَما أَهْلَها اى طلبا منهم الطعام ضيافة قيل لم يسألاهم ولكن نزولمها عندهم كالسؤال منهم قال فى الاسئلة المقحمة استطعم موسى هاهنا فلم يطعم وحين سقى لبنات شعيب ما استطعتم وقد اطعم حيث قال إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا والجواب هاهنا ان الحرمان كان بسبب المعارضة بحيث لم يكتف بعلم الله بحاله بل جنح الى الاعتماد على مخلوق فاراد السكون بحادث مسبوق وهناك جرى على توكله ولم يدخل وسائطه بين المخلوقين وبين ربه بل حط الرحل ببابه فقال رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ قال الحافظ