بها عند الله) فقال والله يا ابن أخي لولا مخافة العار عليك وعلى بنى أبيك من بعدي وان تظن قريش انى انما قلتها خوفا من الموت لقلتها فلما ابى عن كلمة التوحيد قال عليه السلام (لا أزال استغفر لك ما لم انه عنه) وذلك لغلبة همته على مغفرته لانه كان يحفظه عليه السلام وينصره ولما مات نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن تطمع فيه فى حياة ابى طالب حتى ان بعض سفهاء قريش نثر على رأس النبي عليه السلام التراب فدخل بيته والترات على رأسه فقام اليه بعض بناته وجعلت تزيله عن رأسه وتبكى ورسول الله يقول لها (لا تبكى يا بنية فان الله مانع أباك) فبقى عليه السلام يستغفر لأبى طالب من ذلك الوقت الى وقت نزول هذه الآية وقال ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن أبويه أيهما اقرب به عهدا فقيل له أمك آمنة فقال (هل تعلمون موضع قبرها لعلى آتيه فاستغفر لها فان ابراهيم عليه السلام استغفر لابويه) فقال المسلمون ونحن ايضا نستغفر الله لآبائنا وأهلينا فانطلق رسول الله وذلك فى سنة الفتح فانتهى الى قبر امه فى الأبواء منزل بين مكة والمدينة وذلك انه عليه السلام ولد بعد ان توفى أبوه عبد الله ودفن بالمدينة لما انه قد خرج إليها لحاجة فادركه الموت هناك وكان عليه السلام مع امه آمنة فلما بلغ ست سنين خرجت آمنة الى اخوالها بالمدينة تزورهم ثم رجعت به الى مكة فلما كانت بالأبواء توفيت هناك وقيل دفنت بالحجون ويمكن الجمع بينهما بانها دفنت اولا بالأبواء ثم نقلت من ذلك المحل الى مكة كما فى السيرة الحلبية فلما جلس عليه السلام عند قبر امه ناجى طويلا ثم بكى بكاء شديدا فبكينا لبكائه فقلنا يا رسول الله ما الذي أبكاك قال (استأذنت ربى فى زيارة قبر أمي فاذن لى فاستأذنته فى الاستغفار لها فلم يأذن لى وانزل علىّ الآيتين) آية ما كانَ لِلنَّبِيِّ وآية وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ قال بعضهم لا مانع من تكرر سبب النزول فيجوز ان تنزل الآيتان لما استغفر لامه ولما استغفر لعمه يقول الفقير سامحه القدير فيه بعد لانه ان سبق النزول لاستغفار امه فكيف يبقى النبي عليه السلام على استغفار عمه وقد ثبت ان هذه السورة الكريمة من آخر القرآن نزولا وكذا العكس ومن ادعى الفرق بين الاستغفارين فعليه البيان وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ بقوله وَاغْفِرْ لِأَبِي اى بان توفقه للايمان وتهديه اليه كما يلوح به تعليله بقوله إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ استثناء مفرغ من أعم العلل اى لم يكن استغفاره لأبيه آزر ناشئا عن شىء من الأشياء الا عن موعدة وَعَدَها ابراهيم إِيَّاهُ اى أباه بقوله لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وقوله سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي بناء على رجاء إيمانه لعدم تبين حقيقة امره فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ اى لابراهيم بان اوحى اليه انه مصر على الكفر غير مؤمن ابدا وقيل بان مات على الكفر والاول هو الأنسب بقوله أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ فان وصفه بالعداوة مما يأباه حالة الموت تَبَرَّأَ مِنْهُ اى تنزه عن الاستغفار له وتجانب كل التجانب إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ لكثير التأوه وهو ان يقول الرجل عند التضجر والتوجع آه من كذا او يقول آوه بالمد والتشديد وفتح الواو وسكون الهاء لتطويل الصوت بالشكاية والأواه الخاشع المتضرع وقيل انه كلما ذكر تقصيرا او ذكر له شىء من شدائد الآخرة كان يتأوه إشفاقا واستعظاما كما قال كعب الأواه