قُلْ يا محمد لقومك أُوحِيَ إِلَيَّ اى ألقى على بطريق الوحى وأخبرت باعلام من الله تعالى والإيحاء اعلام فى خفاء وفائدة اخباره بهذه الاخبار بيان انه رسول الثقلين والنهى عن الشرك والحث على التوحيد فان الجن مع تمردهم وعدم مجانستهم إذا آمنوا فكيف لا يؤمن البشر مع سهولة طبعهم ومجانستهم أَنَّهُ بالفتح لانه فاعل اوحى والضمير الشأن اى ان الشأن والحديث اسْتَمَعَ اى القرآن او طه او اقرأ وقد حذف لدلالة ما بعده عليه والاستماع بالفارسية نيوشيدن. والمستمع من كان قاصدا للسماع مصغيا اليه والسامع من اتفق سماعه من غير قصد اليه فكل مستمع سامع من غير عكس نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ جماعة منهم ما بين الثلاثة والعشرة وبالفارسية كروهى كه از ده كمتر واز سه بيشتر بودند.
قال فى القاموس النفر ما دون العشرة من الرجال كالنفير والجمع انفار وفى المفردات النفر عدة رجال يمكنهم النفر الى الحرب بالفارسية بيرون شدن. والجن واحده جنى كروم ورومى ونحوه قال ابن عباس رضى الله عنهما انطلق رسول الله عليه السلام فى طائفة من أصحابه الى سوق عكاظ فأدركهم وقت صلاة الفجر وهم ننحلة فأخذ هو عليه السلام يصلى بأصحابه صلاة الفجر فمر عليهم نفر من الجن وهم فى الصلاة فلما سمعوا القرآن استمعوا له وفيه دليل على انه عليه السلام لم ير الجن حينئذ إذ لو رأهم لما أسند معرفة هذه الواقعة الى الوحى فان ما عرف بالمشاهدة لا يستند إثباته الى الوحى وكذا لم يشعر بحضورهم وباستماعهم ولم يقرأ عليهم وانما اتفق حضورهم فى بعض اوقات قراءته فسمعوها فأخبره الله بذلك وقد مضى ما فيه من التفصيل فى سورة الأحقاف فلا نعيده والجن أجسام رقاق فى صورة تخالف صورة الملك والانس عاقلة كالانس خفية عن أبصارهم لا يظهرون لهم ولا يكلمونهم الا صاحب معجزة بل يوسوسون سائر الناس يغلب عليهم النارية او الهوائية ويدل على الاول مثل قوله تعالى وخلق الجان من مارج نار فان المشهور ان المركبات كلها من العناصر فما يغلب فيه النار فنارى كالجن وما يغلب فيه الهولء فهوائى كالطير وما يغلب فيه الماء فمائى كالسمك وما يغلب فيه التراب فترابى كالانسان وسائر الحيوانات الارضية واكثر الفلاسفة ينكرون وجود الجن فى الخارج واعترف به جمع عظيم من قدمائهم وكذا جمهور أرباب الملل المصدقين بالأنبياء قال القاشاني ان فى الوجود نفوسا ارضية قوية لا فى غلظ النفوس السبعية والبهيمية وكثافتها وقلة إدراكها ولا على هيئات النفوس الانسانية واستعداداتها ليلزم تعلقها بالاجرام الكثيفة الغالب عليها الارضية ولا فى صفاء النفوس المجردة ولطافتها لنتصل بالعالم الطوى وتتجرد او تتعلق ببعض الاجرام السماوية متعلقة بأجرام عنصرية لطيفة غلبت عليها الهوائية او النارية او الدخانية على اختلاف أحوالها سماها بعض الحكماء الصور المعلقة ولها علوم وإدراكات من جنس علومنا وادراكاتنا ولما كانت قريبة الطبع الى الملكوت السماوي