بمعنى العقل كما فى قوله (حتى إذا لم يتركوا لعظامه لحما ولا لفؤاده معقولا) والباء للالصاق نحو به داء او بأى الفريقين منكم المجنون أبفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين اى فى أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم فالباء بمعنى فى والمفتون مبتدأ مؤخر والامة داخلة فى خطاب فستبصر بالتبعية لا يختص به عليه السلام كالسوابق وهو تعريض بأبى جهل من هشام الوليد ابن المغيرة واضرابهما كقوله تعالى سيعلمون غدا من الكذاب الأشر اى أصالح عليه السلام أم قومه إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ تعالى المؤدى الى سعادة الدارين وهام فى تيه الضلال متوجها الى ما يفضيه الى الشقاوة الأبدية وهذ هو المجنون الذي لا يفرق بين النفع والضر بل يحسب الضر نفعا فيؤثره والنفع ضرا فيهجره وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ الى سبيله الفائزين بكل مطلوب ناحين من كل محذور وهم العقلاء المراجيح فيجزى كلا من الفريقين حسبما يستحقه من العقاب والثواب وإعادة هو اعلم لزيادة التقدير وفى الآية اشعار بأن المجنون فى الحقيقة هو العاصي لا المطيع واشارة الى الضال عن سبيل الوصول الى حضرة المولى بسبب محبة الدنيا والميل الى شهواتها والمهتدى الى طريق التوحيد والوحدة بنور العناية الازلية والهداية الأبدية قال بعض الكبار وهو اعلم بالمهتدين اى القابلين للتوفيق فهدة البيان هم الرسل وهادى التوفيق هو الحق تعالى فللهادى الذي هو الله الإبانة والتوفيق وليس للهادى الذي هو المخلوق الا الإبانة خاصة ومن لا علم له بالحقائق بظن ان العبد إذا صدق فى الإرشاد والوعظ اثر ذلك القبول فى نفوس السامعين وإذا لم يصدق فى ذلك لم يؤثر وهذا من الوهم الفاسد فانه لا اقرب الى الله ولا اصدق فى التبليغ عنه ولا أحب للقبول لما جاء من عند الله تعالى من الرسل لغلبة لرحمة على قلوبهم ومع ذلك فاعم القبول فيمن سمعهم بل قال الرسول الصادق فى التبليغ انى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فلما لم يعم القبول مع تحققنا هذه المهمة العظيمة من أكابر اولى العزم من الرسل علمنا ان الهمة مالها اثر جملة واحدة فى المدعو وان الذي قبل من السامعين ليس هو من اثر همه الداعي الهادي الذي هو المبلغ وانما هو قوة الاستعداد فى محل القبول من حيث ما وهبه الله تعالى فى خلقه من مزاج يقتضى له قبولا مثل هذا وأمثاله وهو المزاج الخاص الذي لا يعلمه الا الله الذي خلقهم عليه وهو قوله تعالى وهو اعلم بالمهتدين قال الشيخ سعدى قدس سره
مرد بايد كه كيرد اندر كوش ... ور نوشته است پند بر ديوار
فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ اى إذا تبين عندك ما تقدم فدم على ما أنت عليه من عدم طاعتهم فيما يدعونك اليه من الكف عنهم ليكفو عنك وتصلب فى ذلك امره عليه السلام بالتشدد مع قومه وقوى قلبه بذلك مع قلة العدد وكثرة الكفار فان هذه السورة من أوائل ما نزل دلت الآية على ان الا طاعة للعاصى عصيان والافتداء بالطاغي طغيان وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ لو للنمنى والادهان فى الأصل مثل التدهين واشتقاقهما من الدهن لكن جعل عبارة عن الملاينة