عليه السلام وأمته مخصوصون بالوصول والوصال مخفف عنهم كلفة الفراق والانقطاع فاما النبي عليه السلام فقد خص بالوصول الى مقام قاب قوسين او ادنى وبالوصال بقوله ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى وانقطع سائر الأنبياء عليهم السلام فى السموات السبع كما رأى ليلة المعراج آدم فى سماء الدنيا الى ان رأى ابراهيم عليه السلام فى السماء السابعة فعبر عنهم جميعا الى كمال القرب والوصول. واما الامة فقال فى حقهم (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) فهذا هو حقيقة الوصول والوصال ولكن الفرق بين النبي والولي فى ذلك ان النبي مستقل بنفسه فى السير الى الله والوصول ويكون حظه من كل مقام بحسب استعداده الكامل والولي لا يمكنه السير الا فى متابعة النبي وتسليكه فى سبيل الله قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ويكون حظه من المقامات بحسب استعداده فينبغى ان يسارع العبد الى تكميل المراتب والدرجات برعاية السنة وحسن المتابعة لسيد الكائنات. قال جنيد البغدادي قدس سره مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة. قال على كرم الله وجهه الطرق كلها مسدودة على الخلق الا من اقتفى اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم
كرت بايد كه بينى روى ايمان ... رخ از آيينه امرش مكردان
ز شرعش سر مپيچ از هيچ رويى ... كه همچون شانه ميكردى بمويى
ثم فى قوله تعالى وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً اشارة الى ان الإنسان لا يصبر عن الله لحظة لضعفه مهما يكون على الفطرة الانسانية فطرة الله التي فطر الناس عليها فانه يحبهم ويحبونه وهو ممدوح بهذا الضعف فان من عداه يصبرون عن الله لعدم اضطرارهم فى المحبة والإنسان مخصوص بالمحبة. واعلم ان هذا الضعف سبب لكمال الإنسان وسعادته وسبب لنقصانه وشقاوته لانه يتغير لضعفه من حال الى حال ومن صفة الى اخرى فيكون ساعة بصفة بهيمة يأكل ويشرب ويجامع ويكون ساعة اخرى بصفة ملك يسبح بحمد ربه ويقدس له ويفعل ما يؤمر ولا يعصى فيما نهاه عنه وهذه التغيرات من نتائج ضعفه وليس هذا الاستعداد لغيره حتى الملك لا يقدر ان يتصف بصفات البهيمة والبهيمة لا تقدر ان تتصف بصفة الملك لعدم ضعف الانسانية وانما خص الإنسان بهذا الضعف لاستكماله بالتخلق بأخلاق الله واتصافه بصفات الله كما جاء فى الحديث الرباني (انا ملك حى لا أموت ابدا عبدى أطعني أجعلك ملكا حيا لا يموت ابدا) فعند هذا الكمال يكون خير البرية وعند اتصافه بالصفات البهيمية يصير شر البرية
كى شوى انسان كامل ... اى دل ناقص عقل
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا اى لا تأخذوا وعبر عن الاخذ بالأكل لان المقصود الأعظم من الأموال الاكل فكما ان الاكل محرم فكذلك سائر وجوه التصرفات أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ اى بوجه