للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لان مثلكم يستحق لعبادة مثلى فانى انا العزيز الغفور وانى خلقتكم لنفسى وخلقت المخلوقات لاجلكم وعززتكم وأكرمتكم بان أسجدت لكم ملائكتى المقربين وعبادى المكرمين وهو عطف على ان لا تعبدوا وان فيه كما هى فيه اى وحدونى بالعبادة ولا تشركوا بها أحدا وتقديم النهى على الأمر لما ان حق التخلية التقدم على التحلية ولتصل به قوله تعالى هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فانه اشارة الى عبادته تعالى التي هى عبارة عن التوحيد والإسلام وهو المشار اليه بقوله تعالى (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) والمقصود بقوله تعالى (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) والتنكير للتفخيم قال البقلى طلب الحق منهم ما خلق فى فطرتهم من استعداد قبول الطاعة اى اعبدوني بي لابكم فهذا صراط مستقيم حيث لا تنقطع العبودية عن العباد ابدا ولا يدخل فى هذا الصراط اعوجاج واضطراب أصلا وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الا قول «لا اله الا الله محمد رسول الله» فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به أحد قال الواسطي من عبد الله لنفسه فانما يعبد نفسه ومن عبده لاجله فانه لم يعرف ربه ومن عبده بمعنى ان العبودية جوهرة فطرة الربوبية فقد أصاب ومن علامات العبودية ترك الدعوى واحتمال البلوى وحب المولى وحفظ الحدود والوفاء بالعهود وترك الشكوى عند المحنة وترك المعصية عند النعمة وترك الغفلة عند الطاعة قال بعض الكبار لا يصح مع العبودية رياسة أصلا لانها ضد لها ولهذا قال المشايخ رضوان الله عليهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الجاه واعلم انه كم نصح الله ووعظ وانذر وحذر ووصل القول وذكر ولكن المجرمين لم يقبلوا النصح ولم يتعظوا بالوعظ ولم يعملوا بالأمر بل عملوا بامر الشيطان وقبلوا إغواءه إياهم فليرجع العاقل من طريق الحرب الى طريق الصلح: قال الشيخ سعدى قدس سره

نه إبليس در حق ما طعنه زد ... كز إينان نيايد بجز كار بد

فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست

چوملعون پسند آمدش قهر ما ... خدايش برانداخت از بهر ما

كجا بر سر آيم ازين عار وننك ... كه با او بصلحيم وبا حق بجنگ

نظر دوست تا در كند سوى تو ... كه در روى دشمن بود روى تو

ندانى كه كمتر نهد دوست پاى ... چوبيند كه دشمن بود در سراى

وقال ايضا من طريق الاشارة

نه ما را در ميان عهد ووفا بود ... جفا كردى وبد عهدى نمودى

هنوزت ار سر صلحست باز آي ... كزان محبوبتر باشى كه بودى

وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً جواب قسم محذوف والخطاب لبنى آدمه وفى الإرشاد الجملة استئناف مسوق لتشديد التوبيخ وتأكيد التقريع ببيان ان جناياتهم ليست بنقض العهد فقط بل به وبعدم الاتعاظ بما شاهدوا من العقوبات النازلة على الأمم الخالية بسبب طاعتهم للشيطان والخطاب لمتأخريهم الذين من جملتهم كفار مكة

<<  <  ج: ص:  >  >>