فيها حتى احترقت الكسوة ولم يحترق المجذوب ثم خرج منها وقال يا ايها الشيخ لا خير فى كسوة تحرقها النار قال بعض العارفين لو كان المشتاقون دون جماله فى الجنة وا ويلاه ولو كانوا فى الجحيم معه ووا شوقاه فمن كان مع المحبوب فهو لا يحترق ألا ترى ان النبي عليه الصلاة والسلام نظر الى جهنم وما فيها ليلة المعراج ولم يحترق منه شعرة وكما ان النار تقول للمؤمن ذلك القول كذلك الجنة تقول له حين يذهب الى مقامه جز يا مومن الى مقامك فان نورك يذهب بزينتى ولطافتى كما قال فى المثنوى
كويدش جنت كذر كن همچوباد ... ور نه كردد هر چهـ من دارم كساد «١»
وذلك لان نور المؤمن نور التجلي والتجلي انما يكون للمؤمن لا للجنة فيغلب نوره على الجنة التي ليس لها نور التجلي ألا ترى ان من جلس للوعظ وفى المجلس من هو أعلى حالا منه فى العلم يحصل له الانقباض والكساد فلا يطلب الا قيام ذلك من المجلس فاذا كان هذا حال العالم مع من هو اعلم منه فى الظاهر فقس عليه حال العالم مع من هو اعلم منه فى الباطن فمن عرف مراتب اهل الله تعالى يسكت عند حضورهم لان لهم الغلبة فى كل شان ولهم المعرفة بكل مقام قدس الله أسرارهم وَلَنُذِيقَنَّهُمْ اى اهل مكة. والاذاقة بالفارسية [چشانيدن] مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى اى الأقرب وهو عذاب الدنيا وهو ما محنوا به من القحط سبع سنين بدعاء النبي عليه السلام حين بالغوا فى الاذية حتى أكلوا الجيف والجلود والعظام المحترقة والعلهز وهو الوبر والدم بان يخلط الدم باوبار الإبل وشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان وكذا ابتلوا بمصائب الدنيا وبلاياها مما فيه تعذيبهم حتى آل أمرهم الى القتل والاسر يوم بدر دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ اى قبل العذاب الأكبر الذي هو عذاب الآخرة فدون هنا بمعنى قبل وفى كشف الاسرار وتبعه الكاشفى فى تفسيره [فروتر از عذاب بزركتر كه خلودست در آتش] وذلك لانه فى الأصل ادنى مكان من الشيء فيقال هذا دون ذلك إذا كان أحط منه قليلا ثم استعير منه للتفاوت فى الأموال [والرتب در لباب از تفسير نقاش نقل كرده كه ادنى غلاى اسعارست واكبر خروج مهدى بشمشير آبدار وكفته اند خوارىء دنيا ونكو نسارىء عقبا يا افتادن در كناه ودور افتادن از دركاه قرب الله]
دور ماندن از وصال او عذاب اكبر است ... آتش سوز فراق از هر عذابى بدترست
وفى حقائق البقلى العذاب الأدنى حرمان المعرفة والعذاب الأكبر الاحتجاب عن مشاهدة المعروف وقال ابو الحسن الوراق الأدنى الحرص على الدنيا والأكبر العذاب عليه لَعَلَّهُمْ اى لعل من بقي منهم وشاهده ولعل فى مثله بمعنى كى يَرْجِعُونَ يتوبون عن الكفر والمعاصي وفى التأويلات النجمية يشير الى ارباب الطلب واصحاب السلوك إذا وقعت لاحدهم فى أثناء السلوك وقفة لعجب تداخله او لملالة وسآمة نفس او لحسبان وغرور قبول او وقعت له فترة بالتفاته الى شىء من الدنيا وزينتها وشهواتها فابتلاه الله اما ببلاء فى نفسه او ماله او بيته من أهاليه وأقربائه وأحبائه لعلهم بإذاقة عذاب البلاء والمحن انتبهوا من نوم الغفلة وتداركوا ايام العطلة قبل ان يذيقهم العذاب الأكبر بالخذلان والهجران وقسوة القلب كما قال تعالى (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ)
(١) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جزيا مؤمن فان نورك اطفأ نارى