فضلة بالنسبة الى الآكل والاجزاء الاصلية للآكل وهى ما كان قبل الاكل هى التي تجمع وتعاد مع الآكل والاجزاء المأكولة مع المأكول والله بكل خلق عليم يعلم الأصل من الفضل فيجمع الاجزاء الاصلية للآكل ويجمع الاجزاء الاصلية للمأكول وينفخ فيه الروح وكذلك يجمع الاجزاء المتفرقة فى البقاع المتباعدة بحكمته وقدرته قال بعض الأفاضل لما كان تمسكهم بكون العظام رميمة من وجهين. أحدهما اختلاط اجزاء الأبدان والأعضاء بعضها مع بعض فكيف يميز اجزاء بدن من اجزاء رميمة يابسة جدا مع ان الحياة تستدعى رطوبة البدن. أشار الى جواب الاول بقوله (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) فيمكنه تمييز اجزاء الأبدان والأعضاء. والى جواب الثاني بقوله الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً بدل من الموصول الاول وعدم الاكتفاء بعطف الصلة للتأكيد ولتفاوتها فى كيفية الدلالة.
والشجر من النبت ماله ساق. والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب فلهذا سمى الأسود اخضر والأخضر اسود. وقيل سواد العراق للموضع الذي تكثر فيه الخضرة ووصف الشجر بالأخضر دون الخضراء نظرا الى اللفظ فان لفظ الشجر مذكر ومعناه مؤنث لانه جمع شجرة كثمر وثمرة والجمع مؤنث لكونه بمعنى الجماعة. والمعنى خلق لاجلكم ومنفعتكم من الشجر الأخضر كالمرخ والعفار نارا والمرخ بالخاء المعجمة شجر سريع الورى والعفار بالعين المهملة كسحاب شجر آخر تقدح منه النار قال الحكماء لكل شجر نار الا العناب فمن ذلك يدق القصار الثوب عليه ويتخذ منه المطرقة والعرب تتخذ زنودها من المرخ والعفار وهما موجودان فى اغلب المواضع من بوادي العرب يقطع الرجل منهما غصنين كالمسواكين وهما أخضران يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وذلك قوله تعالى فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ إذا للمفاجأة والجار متعلق بتوقدون والضمير راجع الى الشجر [والإيقاد: آتش افروختن] اى تشعلون النار من ذلك الشجر لا تشكون فى انها نار تخرج منه كذلك لا تشكون فى ان الله يحيى الموتى ويخرجهم من القبور للسؤال والجزاء من الثواب والعقاب فان من قدر على احداث النار وإخراجها من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفية كان اقدر على إعادة الغضاضة الى ما كان غضا فطرأ عليه اليبوسة والبلى وعلم منه ان الله تعالى جامع الاضداد ألا يرى انه جمع الماء والنار فى الخشب فلا الماء يطفئ النار ولا النار تحرق الخشب ويقال ان الله تعالى خلق ملائكة نصف أبدانهم من الثلج ونصفها من النار فلا الثلج يطفئ النار ولا النار تذيب الثلج وفى الآية اشارة الى شجر اخضر البشرية ونار المحبة فمصباح القلوب انما يوقد منه قال بعض الكبار ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما تنحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح فكذلك قد ترتفع من احوال الجوارح التي هى من عالم الشهادة آثار الى القلب والحاصل انه ينقدح الظاهر بالأعمال فيحدث منها نور يتنور به البال ويزيد الحال
ادخلوا الأبيات من ابوابها ... واطلبوا الأغراض من أسبابها
نسأل الله الدخول فى الطريق والوصول الى منزل التحقيق أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ