للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا او يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة واعتذرت اليه أتيت بعذر وعذرته قبلت عذره إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فى الدنيا من الكفر والمعاصي بعد ما نهيتم عنها أشد النهى وأمرتم بالايمان والطاعة فلا عذر لكم قطعا أي حقيقة وانهى عن الإتيان بما هو عذر صورة وفى حسبانهم وفى بعض التفاسير لا تعذروا اليوم لما انه ليس لكم عذر يعتد به حتى يقبل فينفعكم وهذا النهى لهم ان كان قبل مجيئ الاعتذار منهم فيوافق ظاهر قوله تعالى ولا يؤذن لهم فيعتذرون وان كان بعده فيؤول هذا القول ويقال لا يؤذن لهم أن يتموا اعتذارهم ولا يسمع اليه وفى التأويلات النجمية قل للذين ستروا الحق بالباطل وحجبوا عن شهود الحق فى الدنيا لا تطلبوا مشاهدة الحق فى الآخرة انما تكافأون بعدم رؤية الحق اليوم لعدم رؤيتكم له فى يوم الدنيا كما قال ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا انتهى. قال بعض العارفين لا يتحسر يوم القيامة على فوات الأعمال الصالحة الا العامة اما العارفون فلا يرون لهم عملا يتحسرون على فواته بل ولا يصح الفوات ابدا انما هى قسمة عادلة يجب على كل عبد الرضى بها وقول الإنسان أنا مقصر فى جنب الله هو من باب هضم النفس لا حقيقة إذ لا يقدر أحد أن ينقص مما قسم له ذرة ولا يزيد عليه ذرة فلا يصح النهم الا فى عمال توهم العبد انها له ثم فوتها وذلك لا يقوله عارف (مصراع) در دائره قسمت من نقطه تسلم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً التوبة أبلغ وجوه الاعتذار بان يقول فعلت وأسأت وقد أقلت وفى الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالاعادة فمتى اجتمع هذه الاربعة فقد كملت شرائط التوبة كما فى المفردات والنصح تحرى فعل او قول فيه صلاح صاحبه والنصوح فعول من ابنية المبالغة كقولهم رجل صبور وشكور اى بالغة فى النصح وصفت التوبة بذلك على الاسناد المجازى وهو وصف التائبين وهو أن ينصحوا أنفسهم بالتوبة فيأتوا بها على طريقتها وذلك أن يتوبوا من القبائح لقبحها نادمين عليها مغتمين أشد الاغتمام لارتكابها عازمين على انهم لا يعودون فى قبيح من القبائح الا أن يعود اللبن فى الضرع وكذا لو حزوا بالسيف واحرقوا بالنار موطنين أنفسهم على ذلك بحيث لا يلويهم عنه صارف أصلا وعن على رضى الله عنه انه سمع أعرابيا يقول اللهم انى استغفرك وأتوب إليك فقال يا هذا ان سرعة اللسان بالتوبة توبة الكذابين قال وما التوبة قال ان التوبة يجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة وللفرائض الاعادة اى القضاء صلاة او صوما او زكاة او نحوها ورد المظالم واستحلال الخصوم وأن تعزم على أن لا تعود وأن تذيب نفسك فى طاعة الله كما ربيتها فى المعصية وأن تذيقها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعاصي قال سعدى المفتى والمذهب السنى انه يكفى فى تحقق التوبة الندم والعزم على أن لا يعود بخلاف اهل الاعتزال حيث يلزم فى تحققها عندهم رد المظالم وهو عندنا غير واجب فى التوبة قال بعض الكبار ما لم تكن التوبة عامة من جميع المخالفات فهى ترك لا توبة وقيل نصوحا من نصاحة

<<  <  ج: ص:  >  >>